حكاية مريض مصاب بالانيميا المنجلية

[انوار]

الحالة عبارة عن مريض يبلغ من العمر واحد وعشرون عاماً ، أعزب ، طالب بالجامعة ، يعاني من أنيميا منجلية ( مرض مزمن منذ الطفولة ) ، ترتيبه السادس بين اخوانه من اجمالي 12 أخ ( أي ترتيبه الوسط _ أي أن المريض قد يعاني من قلة الاهتمام ) .
في شهر رمضان أجريت له عمليتان لاستئصال الطحال والمرارة ، في شهر صفر أجريت له عملية استئصال الزائدة الدودية .
بداية كان تدخلي مع الحالة من العام الماضي في شهر ربيع الأول تقريباً وقد أجريت له دراسة حالة وكنت أتابعه باستمرار وذلك بعد تكوين علاقة مهنية متينة جداً يسرت لي التواصل مع المريض بشكل أفضل .

متى لوحظ بأن المريض بحاجة إلى تدخل نفسي حصل ذلك عندما بدأ المريض يبوح عن ما يعاني منه ( إفراغ وجداني ) ولوحظ بأن الحالة بدأت تسير نحو الانحدار ، حيث كانت الحالة ذات طموح عالي وتنظر للمستقبل بنظرة تفاؤل كبيرة وكانت تفكر في مواصلة الدراسة وإكمال مراحل عليا من الدراسة وكانت الحالة تحلم ببناء عش زوجي هادئ والبحث عن الوظيفة التي قد تفيده في استقرار حياته ، ولكن مع مرور الوقت بدأت الحالة تلحظ نوعاً من القلق على المستقبل المخيف و مع التدهور السريع في الحالة الصحية بسبب أزمات هذا المرض والتي قد قد أعاقتها عن مواصلة الدراسة وبالتالي أعاقته عن تحقيق أحلامها ، فقررت الحالة التنازل عن بعض الأحلام ، وبالفعل تنازلت عن أحلام كثيرة حتى وصل بها الحال إلى التفكير في الانتحار وكانت لديها ميول انتحارية قوية ، ولكن نظراً لأن الحالة كان ايمانه قوي بالله عز وجل فإنها أصبحت تحارب عوامل كثيرة ومصاعب جما تواجهه في حياته اليومية هذا الملخص كان حتى شهر رمضان المبارك وهو الوقت الذي قام فيه المريض بإجراء العملية الجراحية الأولى ( استئصال المرارة والطحال ) .
وبسبب نقلي إلى قسم الكلى اضطررت إلى التنازل عن الحالة لأحد الزملاء حيث أوضحت للمريض بأن من سيتابعه هو زميلي ( فلان ) وبالفعل تركت المريض إلى أن قابلته أثناء تغطية مهام زميلي الغائب وعندها ذُهلت وصدمت من هول ما وصلت إليه الحالة من انتكاسة خطيرة جداً .
فالمريض الذي لم يكن دخوله للمستشفى إلا مرة أو مرتين كل ثلاثة أشهر أصبح الآن لا يمر شهر واحد إلا ودخل المريض أكثر من ثلاث مرات أحياناً .
قابلته وجدته محبط تماماً حيث بدأ يمل من حياته عندها قمت بدعمه نفسياً واجتماعياً وذلك من خلال توضيح المرض من الناحية الاجتماعية خصوصاً وأن المريض بدأ يتضايق من زملائه وأهله بسبب ما يصفوا به المستشفى على أنها المنزل الثاني ويسألونه عن موعد عودته مرة أخرى لمنزله الجديد ( أي المستشفى ) بدأ يمل من كل شيء أحزنني كثيراً عندما أخبرني بأني أنا الشخص الوحيد الذي يساعده ، تحركت فيني مشاعر الألم والحزن على هذا المريض وبدأت أعود إليه تدريجياً وقمت بطلب استشارة عاجلة من قبل الطبيب النفسي الذي أوضح بأن المريض يعاني من اكتئاب حاد ، إضافة إلى أنه تم تشخيصه على أنه شخصية اعتمادية ( وهي شخصية أغلب المرضى المزمنين ) وتم التوصية بتحويله إلى معالج نفسي والذي بدأ في عمل جلسات استثنائية للمريض ، ولكن وبسبب دخول المريض المتكرر ( ثلاث مرات خلال ثلاثة أسابيع ) قلل من احتمالية مقابلة المعالج النفسي مرة أخرى حتى وقت لاحق .


والآن الحالة تشكو كثيراً من الآلام وتم الاتصال بالطبيب المعالج الذي أوضح بأن المريض بدأ يطلب المهدئات كثيراً وهذا ما قد يضر بالمريض فهو يستخدم دواء ( بيتادين ) ، عدا ذلك دخوله المتكرر والانتكاسة القوية لحالته ، كما أود أن أشير بأن الطبيب المعالج أوصى بعلاج ( هايدروكسي يرويا ) غير متأكد من صحة الاسم ! ، حيث أن هذا الدواء قد يساعده كثيراً في الحد من الدخول المتكرر على أقل تقدير إضافة إلى تثبيت نسبة الهيموجلوبين بالدم .



هذه الحالة باختصار شديد جداً ، أتمنى منكم وضع تصور لمساعدة هذا المريض وغيره الكثير ، أعانهم الله جميعاً ، وشافاهم بإذن الله .


أحاول أن أتحدث فيما بعد عن التدعيم الاجتماعي للمرضى
عذراً على الإطالة

عبد الله الحجاجي
القصة منقولة من منتدى الوراثة الطبية
http://www.epaediatrics.org/phpbb/viewtopic.php?t=1683