فتاوى عن الإجهاض
سؤل الشيخ العودة بتاريخ 1/8/1421 هذا السؤال:
ما الحكم الشرعي لإجهاض الجنين قبل أربعة أشهر؟ وإذا خافت
المرأة على نفسها من الموت فهل لها أن تجهض الحمل ؟
فأجاب الشيخ بما يلي:
يمر الجنين في بطن أمه بأربعة أطوار:
1. النطفة 2. العلقة 3. المضغة 4. نفخ الروح.
وقد اتفق العلماء على تحريم إسقاط الجنين بعد نفخ الروح إذا لم يكن هناك ضرورة لإسقاطه؛ لأن إسقاطه من غير ضرورة قتل للنفس المحترمة، ونفخ الروح بعد مائة وعشرين يوماً، وأما قبل نفخ الروح فقد اختلف في حكم الإسقاط من غير ضرورة على الأقوال الآتية :
القول الأول : تحريم الإسقاط في جميع الأطوار ، وهو قول أكثر المالكية، وبعض الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وقول الظاهرية .
القول الثاني: جواز الإسقاط في النطفة والتحريم في بقية الأطوار، وهذا قول بعض المالكية والمذهب عند الحنابلة .
القول الثالث: جواز الإسقاط قبل نفخ الروح، وهو قول الحنفية، وبعض الشافعية، وبعض الحنابلة .
أدلة هذه الأقول :
استدل أصحاب القول الأول بحديث أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرة عبد أو أمة . رواه البخاري (6909)، ومسلم(1681)، والجنين اسم لما في البطن، وإيجاب الغرة فيه دليل على أنه محترم يأثم المتعدي عليه، وإذا كان يأثم بالتعدي عليه فإنه لا يجوز إسقاطه ، وبأن هذه النطفة مبدأ الحياة، وإذا كان لا يجوز إتلاف الحي فكذلك السقط الذي هو مبدأ الحياة.
وبأن الإسقاط يشبه الوأد لاشتراكهما في القتل، إذ الإسقاط قتل ما تهيأ ليكون إنساناً، والوأد محرم بالإجماع فكذلك الإسقاط .
ويشكل على الحديث أنه واقعة عين محتملة .
واستدل أصحاب القول الثاني بحديث ابن مسعود ” إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوماً على حالها لا تغـيّر، فإذا مضت الأربعون صارت علقة، ثم مضغة كذلك …” الحديث رواه أحمد (3553).
ووجه الاستدلال بالحديث: أن فيه إشارة إلى أن النطفة تبقى على حالها ولا تنعقد، وما لا ينعقد فيجوز إسقاطه.
ويُردّ عليه من وجهين :
1. أن الحديث بهذا اللفظ ضعيف.
2. لو ثبت فلا دليل على التفريق بين ما انعقد وما لم ينعقد.
واستدلوا بأن النطفة لم تنعقد بعد وقد لا تنعقد، ولذا فإنها ليست بشيء ولا يتعلق بها حكم طالما أنها لم تجتمع في الرحم، وكما أن له العزل ابتداء فله الإسقاط كذلك.
ويرد عليه بأنه لا دلالة على عدم الانعقاد حتى يجعل مناطاً للتفريق، بل يرده حديث ابن مسعود الصحيح ” إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً” رواه البخاري (3208)، ومسلم (2643)، فإن هذا يقتضي أن الله قد جمع فيها خلقه جمعاً خفياً، وهذا التخليق يتزايد شيئاً فشيئاً إلى أن يظهر للحس ظهوراً لا خفاء به كله.
واستدل أصحاب القول الثالث القائل بالجواز قبل نفخ الروح بالآتي :
1. أن كل ما لم تحلّه الروح لا يبعث يوم القيامة، ومن لا يبعث فلا اعتبار لوجوده، ومن هو كذلك فلا حرمة في إسقاطه.
2. أن الجنين ما لم يتخلق فإنه ليس بآدمي، وإذا لم يكن كذلك فلا حرمة له ومن ثم فيجوز إسقاطه.
ويرد عليه : بأن هذا اعتداء على ما مصيره اكتمال الآدمية وحلول الروح فيه، وهذا الاعتداء بغير حق إيقاف له، والاعتداء بغير حق محرم، ثمّ إنه لا دليل على عدم التخليق .
وقد مال بعض الفقهاء الأطباء المعاصرين إلى القول الأول القائل بالتحريم لوجاهة أدلته وقوتها، يقول الدكتور حسان حتحوت: ” وكما استنبط السابقون أحكامهم مما بين أيديهم من معلومات طبية، فليس لنا أن نكتفي بالنقل عنهم، وبين أيدينا دقائق وتفصيلات علمية جديدة لم تكن في زمانهم، ولما كنت من أهل الاختصاص الطبي الدقيق في هذا الموضوع، فقد وجدت من الأمانة أن أضع أمام أشياخنا وفقهائنا حقيقةَ أن الجنين حي من بدء حمله، وأنه ينساب نامياً في تناغم واتصال، وأن قلبه ينبض في شرايينه منذ أسبوعه الخامس، وأن جنين الأشهر الثلاثة تام الخلقة وإن كان صغير الحجم، وأنه تكوّن وإنما يكبر وينضج بعد ذلك، وأن الجنين يتحرك ونرصد بأجهزتنا حركته ونسمع دقات قلبه قبل أن تحس أمه بحركاته بزمان طويل، وأعلم من الناحية الطبية أن قتل الجنين قتل نفس، وأصونه وأحافظ عليه إلا إن كان في استمرار الحمل تهديد لحياة أمه، وآنذاك فقط أهدر حياة لأنقذ حياة، ولكن ليس لما دون ذلك من أسباب “.
وانظر في ذلك (الإسلام وتنظيم الأسرة)، و(تنظيم النسل وموقف الشريعة منه)، وهذا الذي ذكره الدكتور حسان حتحوت سألت عنه جماعة من الأطباء المختصين فوجدته كذلك، وللقول الثالث عندي وجاهة ظاهرة؛ لأن الحياة التي في أول الحمل إنما هي امتداد للحياة التي في الحيوان المنوي، بخلاف الحياة الحادثة من نفخ الروح بعد مائة وعشرين يوماً، فهي حياة إنسانية ذات احترام خاص، ولهذا قال – تعالى – :”ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ” [المؤمنون : 13].
فنلاحظ في الآية الكريمة ذكر مراحل التكوين الجنيني، وفي آخر مرحلة، وهي ما بعد المضغة والعظام قال: ثم أنشأناه خلقاً آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين، وهذا مؤذن بأن الكلام لا يزال متعلقاً بالتخليق في الرحم، ولذلك ذهب جمهور المفسرين إلى هذا.
وقد قال الطبري في تفسيره (18/9) :” قال بعضهم : إنشاؤه إياه خلقاً آخر : نفخه الروح فيه، فيصير حينئذ إنساناً، وكان قبل ذلك صورة .
ثم روى بإسناده عن ابن عباس من طرق عكرمة، والشعبي، ومجاهد، وأبي العالية، والضحاك، وابن زيد أن ذلك نفخ الروح فيه.
ثم ذكر قولين آخرين .
ثم قال:” وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال : عنى بذلك نفخ الروح فيه، وذلك أنه بنفخ الروح فيه يتحول خلقاً آخر إنساناً، وكان قبل ذلك بالأحوال التي وصفه الله أنه كان فيها، من نطفة وعلقة ومضغة وعظم، وبنفخ الروح فيه يتحول عن تلك المعاني كلها إلى معنى الإنسانية، كما يحول أبوه آدم بنفخ الروح في الطين التي خلق منها إنساناً، وخلقاً آخر غير الطين الذي خلق منه ” انتهى، ومن المعلوم أن جواز الإسقاط هنا يكون للضرورة، والحاجة والمصلحة الراجحة .
لكن من حيث المبدأ فقد اختلف العلماء في إسقاط الجنين إذا لم يتم له مائة وعشرون يوماً، فأجاز ذلك الحنفية وابن عقيل من الحنابلة عند الحاجة محتجين بحديث ابن مسعود المشهور المتفق عليه (أربعين يوماً نطفة … إلخ) رواه البخاري (3208)، ومسلم (2643)، ومنعه آخرون إذا تجاوز الأربعين يوماً منذ بداية الحمل وهو المشهور عند الحنابلة .
والراجح أنه إذا احتيج إلى إسقاطه لسبب صحيح جاز إسقاطه قبل تمام المائة وعشرين يوماً. والله أعلم.
دولة الكويت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
التّعريف
1 – يطلق الإجهاض في اللّغة على صورتين : إلقاء الحمل ناقص الخلق ، أو ناقص المدّة ، سواء من المرأة أو غيرها ، والإطلاق اللّغويّ يصدق سواء كان الإلقاء بفعل فاعل أم تلقائيّاً .
2 – ولا يخرج استعمال الفقهاء لكلمة إجهاض عن هذا المعنى . وكثيراً ما يعبّرون عن الإجهاض بمرادفاته كالإسقاط والإلقاء والطّرح والإملاص .
صفة الإجهاض ( حكمه التّكليفيّ ) :
3 – من الفقهاء من فرّق بين حكم الإجهاض بعد نفخ الرّوح ، وبين حكمه قبل ذلك وبعد التّكوّن في الرّحم والاستقرار ، ولمّا كان حكم الإجهاض بعد نفخ الرّوح موضع اتّفاق كان الأنسب البدء به ثمّ التّعقيب بحكمه قبل نفخ الرّوح ، مع بيان آراء الفقهاء واتّجاهاتهم فيه :
أ – حكم الإجهاض بعد نفخ الرّوح :
4 – نفخ الرّوح يكون بعد مائة وعشرين يوماً ، كما ثبت في الحديث الصّحيح الّذي رواه ابن مسعود مرفوعاً : « إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يوماً نطفةً ، ثمّ يكون علقةً مثل ذلك ، ثمّ يكون مضغةً مثل ذلك ، ثمّ يرسل الملك فينفخ فيه الرّوح » . ولا يعلم خلاف بين الفقهاء في تحريم الإجهاض بعد نفخ الرّوح . فقد نصّوا على أنّه إذا نفخت في الجنين الرّوح حرّم الإجهاض إجماعاً . وقالوا إنّه قتل له ، بلا خلاف . والّذي يؤخذ من إطلاق الفقهاء تحريم الإجهاض بعد نفخ الرّوح أنّه يشمل ما لو كان في بقائه خطر على حياة الأمّ وما لو لم يكن كذلك . وصرّح ابن عابدين بذلك فقال : لو كان الجنين حيّاً ، ويخشى على حياة الأمّ من بقائه ، فإنّه لا يجوز تقطيعه ؛ لأنّ موت الأمّ به موهوم ، فلا يجوز قتل آدميّ لأمر موهوم .
ب – حكم الإجهاض قبل نفخ الرّوح :
5 – في حكم الإجهاض قبل نفخ الرّوح اتّجاهات مختلفة وأقوال متعدّدة ، حتّى في المذهب الواحد ، فمنهم من قال بالإباحة مطلقاً ، وهو ما ذكره بعض الحنفيّة ، فقد ذكروا أنّه يباح الإسقاط بعد الحمل ، ما لم يتخلّق شيء منه . والمراد بالتّخلّق في عبارتهم تلك نفخ الرّوح . وهو ما انفرد به من المالكيّة اللّخميّ فيما قبل الأربعين يوماً ، وقال به أبو إسحاق المروزيّ من الشّافعيّة قبل الأربعين أيضاً ، وقال الرّمليّ : لو كانت النّطفة من زناً فقد يتخيّل الجواز قبل نفخ الرّوح . والإباحة قول عند الحنابلة في أوّل مراحل الحمل ، إذ أجازوا للمرأة شرب الدّواء المباح لإلقاء نطفة لا علقة ، وعن ابن عقيل أنّ ما لم تحلّه الرّوح لا يبعث ، فيؤخذ منه أنّه لا يحرم إسقاطه ، وقال صاحب الفروع : ولكلام ابن عقيل وجه .
6 – ومنهم من قال بالإباحة لعذر فقط ، وهو حقيقة مذهب الحنفيّة . فقد نقل ابن عابدين عن كراهة الخانيّة عدم الحلّ لغير عذر ، إذ المحرم لو كسر بيض الصّيد ضمن لأنّه أصل الصّيد . فلمّا كان يؤاخذ بالجزاء فلا أقلّ من أن يلحقها – من أجهضت نفسها – إثم هنا إذا أسقطت بغير عذر ، ونقل عن ابن وهبان أنّ من الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصّبيّ ما يستأجر به الظّئر ( المرضع ) ويخاف هلاكه ، وقال ابن وهبان : إنّ إباحة الإسقاط محمولة على حالة الضّرورة . ومن قال من المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة بالإباحة دون تقييد بالعذر فإنّه يبيحه هنا بالأولى ، وقد نقل الخطيب الشّربينيّ عن الزّركشيّ : أنّ المرأة لو دعتها ضرورة لشرب دواء مباح يترتّب عليه الإجهاض فينبغي أنّها لا تضمن بسببه .
7 – ومنهم من قال بالكراهة مطلقاً . وهو ما قال به عليّ بن موسى من فقهاء الحنفيّة . فقد نقل ابن عابدين عنه : أنّه يكره الإلقاء قبل مضيّ زمن تنفخ فيه الرّوح ؛ لأنّ الماء بعدما وقع في الرّحم مآله الحياة ، فيكون له حكم الحياة ، كما في بيضة صيد الحرم . وهو رأي عند المالكيّة فيما قبل الأربعين يوماً ، وقول محتمل عند الشّافعيّة . يقول الرّمليّ : لا يقال في الإجهاض قبل نفخ الرّوح إنّه خلاف الأولى ، بل محتمل للتّنزيه والتّحريم ، ويقوى التّحريم فيما قرب من زمن النّفخ لأنّه جريمة .
8 – ومنهم من قال بالتّحريم ، وهو المعتمد عند المالكيّة . يقول الدّردير : لا يجوز إخراج المنيّ المتكوّن في الرّحم ولو قبل الأربعين يوماً ، وعلّق الدّسوقيّ على ذلك بقوله : هذا هو المعتمد . وقيل يكره . ممّا يفيد أنّ المقصود بعدم الجواز في عبارة الدّردير التّحريم . كما نقل ابن رشد أنّ مالكاً قال : كلّ ما طرحته المرأة جناية ، من مضغة أو علقة ، ممّا يعلم أنّه ولد ، ففيه الغرّة وقال : واستحسن مالك الكفّارة مع الغرّة . والقول بالتّحريم هو الأوجه عند الشّافعيّة ؛ لأنّ النّطفة بعد الاستقرار آيلة إلى التّخلّق مهيّأة لنفخ الرّوح . وهو مذهب الحنابلة مطلقاً كما ذكره ابن الجوزيّ ، وهو ظاهر كلام ابن عقيل ، وما يشعر به كلام ابن قدامة وغيره بعد مرحلة النّطفة ، إذ رتّبوا الكفّارة والغرّة على من ضرب بطن امرأة فألقت جنيناً ، وعلى الحامل إذا شربت دواءً فألقت جنيناً .
بواعث الإجهاض ووسائله :
9 – بواعث الإجهاض كثيرة ، منها قصد التّخلّص من الحمل سواء أكان الحمل نتيجة نكاح أم سفاح ، أو قصد سلامة الأمّ لدفع خطر عنها من بقاء الحمل أو خوفاً على رضيعها ، على ما سبق بيانه . كما أنّ وسائل الإجهاض كثيرة قديماً وحديثاً ، وهي إمّا إيجابيّة وإمّا سلبيّة . فمن الإيجابيّة : التّخويف أو الإفزاع كأن يطلب السّلطان من ذكرت عنده بسوء فتجهض فزعاً ، ومنها شمّ رائحة ، أو تجويع ، أو غضب ، أو حزن شديد ، نتيجة خبر مؤلم أو إساءة بالغة ، ولا أثر لاختلاف كلّ هذا . ومن السّلبيّة امتناع المرأة عن الطّعام ، أو عن دواء موصوف لها لبقاء الحمل . ومنه ما ذكره الدّسوقيّ من أنّ المرأة إذا شمّت رائحة طعام من الجيران مثلاً ، وغلب على ظنّها أنّها إن لم تأكل منه أجهضت فعليها الطّلب . فإن لم تطلب ، ولم يعلموا بحملها ، حتّى ألقته ، فعليها الغرّة لتقصيرها ولتسبّبها .
عقوبة الإجهاض :
10 – اتّفق الفقهاء على أنّ الواجب في الجناية على جنين الحرّة هو غرّة . لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وغيره : « أنّ امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى ، فطرحت جنينها ، فقضى فيه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بغرّة عبد أو وليدة » .
11 – واتّفق فقهاء المذاهب على أنّ مقدار الغرّة في ذلك هو نصف عشر الدّية الكاملة ، وأنّ الموجب للغرّة كلّ جناية ترتّب عليها انفصال الجنين عن أمّه ميّتاً ، سواء أكانت الجناية نتيجة فعل أم قول أم ترك ، ولو من الحامل نفسها أو زوجها ، عمداً كان أو خطأً .
12 – ويختلف الفقهاء في وجوب الكفّارة – وهي العقوبة المقدّرة حقّاً للّه تعالى – مع الغرّة . ( والكفّارة هنا هي عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ) فالحنفيّة والمالكيّة يرون أنّها مندوبة وليست واجبةً ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يقض إلاّ بالغرّة . كما أنّ الكفّارة فيها معنى العقوبة ؛ لأنّها شرعت زاجرةً ، وفيها معنى العبادة ؛ لأنّها تتأدّى بالصّوم . وقد عرف وجوبها في النّفوس المطلقة فلا يتعدّاها لأنّ العقوبة لا يجري فيها القياس ، والجنين يعتبر نفساً من وجه دون وجه لا مطلقاً . ولهذا لم يجب فيه كلّ البدل ، فكذا لا تجب فيه الكفّارة لأنّ الأعضاء لا كفّارة فيها . وإذا تقرّب بها إلى اللّه كان أفضل . وعلى هذا فإنّها غير واجبة . ويرى الشّافعيّة والحنابلة وجوب الكفّارة مع الغرّة . لأنّها إنّما تجب حقّاً للّه تعالى لا لحقّ الآدميّ ؛ ولأنّه نفس مضمونة بالدّية ، فوجبت فيه الكفّارة . وترك ذكر الكفّارة لا يمنع وجوبها . فقد ذكر الرّسول صلى الله عليه وسلم في موضع آخر الدّية ، ولم يذكر الكفّارة . وهذا الخلاف إنّما هو في الجنين المحكوم بإيمانه لإيمان أبويه أو أحدهما ، أو المحكوم له بالذّمّة . كما نصّ الشّافعيّة والحنابلة على أنّه إذا اشترك أكثر من واحد في جناية الإجهاض لزم كلّ شريك كفّارة ، وهذا لأنّ الغاية من الكفّارة الزّجر . أمّا الغرّة فواحدة لأنّها للبدليّة .
الإجهاض المعاقب عليه :
13 – يتّفق الفقهاء على وجوب الغرّة بموت الجنين بسبب الاعتداء ، كما يتّفقون على اشتراط انفصاله ميّتاً ، أو انفصال البعض الدّالّ على موته . إذ لا يثبت حكم المولود إلاّ بخروجه ؛ ولأنّ الحركة يجوز أن تكون لريح في البطن سكنت ، وبالإلقاء ظهر تلفه بسبب الضّرب أو الفزع ونحوهما ، غير أنّ الشّافعيّة قالوا : لو علم موت الجنين وإن لم ينفصل منه شيء فكالمنفصل . والحنفيّة يعتبرون انفصال الأكثر كانفصال الكلّ ، فإن نزل من قبل الرّأس فالأكثر خروج صدره ، وإن كان من قبل الرّجلين فالأكثر انفصال سرّته . والحنفيّة والمالكيّة على أنّه لا بدّ أن يكون ذلك قبل موت أمّه يقول ابن عابدين : وإن خرج جنين ميّت بعد موت الأمّ فلا شيء فيه ؛ لأنّ موت الأمّ سبب لموته ظاهراً ، إذ حياته بحياتها ، فيتحقّق موته بموتها ، فلا يكون في معنى ما ورد به النّصّ ، إذ الاحتمال فيه أقلّ ، فلا يضمن بالشّكّ ؛ ولأنّه يجري مجرى أعضائها ، وبموتها سقط حكم أعضائها . وقال الحطّاب والموّاق : الغرّة واجبة في الجنين بموته قبل موت أمّه . وقال ابن رشد : ويشترط أن يخرج الجنين ميّتاً ولا تموت أمّه من الضّرب . أمّا الشّافعيّة والحنابلة فيوجبون الغرّة سواء أكان انفصال الجنين ميّتاً حدث في حياة الأمّ أو بعد موتها لأنّه كما يقول ابن قدامة : جنين تلف بجناية ، وعلم ذلك بخروجه ، فوجب ضمانه كما لو سقط في حياتها . ولأنّه لو سقط حيّاً ضمنه ، فكذلك إذا سقط ميّتاً كما لو أسقطته في حياتها . ويقول القاضي زكريّا الأنصاريّ : ضرب الأمّ ، فماتت ، ثمّ ألقت ميّتاً ، وجبت الغرّة ، كما لو انفصل في حياتها . يتّفق الفقهاء في أصل ترتّب العقوبة إذا استبان بعض خلق الجنين ، كظفر وشعر ، فإنّه يكون في حكم تامّ الخلق اتّفاقاً ولا يكون ذلك كما يقول ابن عابدين إلاّ بعد مائة وعشرين يوماً ، وتوسّع المالكيّة فأوجبوا الغرّة حتّى لو لم يستبن شيء من خلقه ، ولو ألقته علقةً أي دماً مجتمعاً ، ونقل ابن رشد عن الإمام مالك قوله : كلّ ما طرحت من مضغة أو علقة ممّا يعلم أنّه ولد ففيه غرّة والأجود أن يعتبر نفخ الرّوح فيه . والشّافعيّة يوجبون الغرّة أيضاً لو ألقته لحماً في صورة آدميّ ، وعند الحنابلة إذا ألقت مضغةً ، فشهد ثقات من القوابل أنّه مبتدأ خلق آدميّ ، وجهان : أصحّهما لا شيء فيه ، وهو مذهب الشّافعيّ فيما ليس فيه صورة آدميّ . أمّا عند الحنفيّة ففيه حكومة عدل ، إذ ينقل ابن عابدين عن الشّمنّيّ : أنّ المضغة غير المتبيّنة الّتي يشهد الثّقات من القوابل أنّها بدء خلق آدميّ فيها حكومة عدل .
تعدّد الأجنّة في الإجهاض :
14 – لا خلاف بين فقهاء المذاهب في أنّ الواجب الماليّ من غرّة أو دية يتعدّد بتعدّد الأجنّة . فإن ألقت المرأة بسبب الجناية جنينين أو أكثر تعدّد الواجب بتعدّدهم ؛ لأنّه ضمان آدميّ ، فتعدّد بتعدّده ، كالدّيات . والقائلون بوجوب الكفّارة مع الغرّة – وهم الشّافعيّة والحنابلة كما تقدّم – يرون أنّها تتعدّد بتعدّد الجنين أيضاً .
من تلزمه الغرّة :
15 – الغرّة تلزم العاقلة في سنة بالنّسبة للجنين الحرّ عند فقهاء الحنفيّة ، للخبر الّذي روي عن محمّد بن الحسن « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قضى بالغرّة على العاقلة في سنة » ، ولا يرث الجاني وهذا هو الأصحّ عند الشّافعيّة ، فقد قالوا : الغرّة على عاقلة الجاني ولو الحامل نفسها ؛ لأنّ الجناية على الجنين لا عمد فيها حتّى يقصد بالجناية ، بل يجري فيها الخطأ وشبه العمد . سواء أكانت الجناية على أمّه خطأً أم عمداً أم شبه عمد . وللحنفيّة تفصيل : فلو ضرب الرّجل بطن امرأته ، فألقت جنيناً ميّتاً ، فعلى عاقلة الأب الغرّة ، ولا يرث فيها ، والمرأة إن أجهضت نفسها متعمّدةً دون إذن الزّوج ، فإنّ عاقلتها تضمن الغرّة ولا ترث فيها ، وأمّا إن أذن الزّوج ، أو لم تتعمّد ، فقيل . لا غرّة ؛ لعدم التّعدّي ، لأنّه هو الوارث والغرّة حقّه ، وقد أذن بإتلاف حقّه . والصّحيح أنّ الغرّة واجبة على عاقلتها أيضاً ؛ لأنّه بالنّظر إلى أنّ الغرّة حقّه لم يجب بضربه شيء ، ولكن لأنّ الآدميّ لا يملك أحد إهدار آدميّته وجبت على العاقلة ، فإن لم يكن لها عاقلة فقيل في مالها ، وفي ظاهر الرّواية : في بيت المال ، وقالوا : إنّ الزّوجة لو أمرت غيرها أن تجهضها ، ففعلت ، لا تضمن المأمورة ، إذا كان ذلك بإذن الزّوج . ويرى المالكيّة وجوب الغرّة في مال الجاني في العمد مطلقاً ، وكذا في الخطأ ، إلاّ أن يبلغ ثلث ديته فأكثر فعلى عاقلته ، كما لو ضرب مجوسيّ حرّةً حبلى ، فألقت جنيناً ، فإنّ الغرّة الواجبة هنا أكثر من ثلث دية الجاني . ويوافقهم الشّافعيّة في قول غير صحيح عندهم فيما إذا كانت الجناية عمداً ، إذ قالوا : وقيل : إن تعمّد الجناية فعليه الغرّة لا على عاقلته ، بناءً على تصوّر العمد فيه والأصحّ عدم تصوّره لتوقّفه على علم وجوده وحياته . أمّا الحنابلة فقد جعلوا الغرّة على العاقلة إذا مات الجنين مع أمّه وكانت الجناية عليها خطأً أو شبه عمد . أمّا إذا كان القتل عمداً ، أو مات الجنين وحده ، فتكون في مال الجاني ، وما تحمله العاقلة يجب مؤجّلاً في ثلاث سنين ، وقيل : من لزمته الكفّارة ففي ماله مطلقاً على الصّحيح من المذهب ، وقيل ما حمله بيت المال من خطأ الإمام والحاكم ففي بيت المال . والتّفصيل في مصطلحات ( عاقلة . غرّة . جنين . دية . كفّارة ) .
الآثار التّبعيّة للإجهاض :
16 – بالإجهاض ينفصل الجنين عن أمّه ميّتاً ، ويسمّى سقطاً . والسّقط هو الولد تضعه المرأة ميّتاً أو لغير تمام أشهره ولم يستهلّ . وقد تكلّم الفقهاء عن حكم تسميته وتغسيله وتكفينه والصّلاة عليه ودفنه . وموضع بيان ذلك وتفصيله مصطلح سقط . أثر الإجهاض في الطّهارة والعدّة والطّلاق :
17 – لا خلاف في أنّ الإجهاض بعد تمام الخلق تترتّب عليه الأحكام الّتي تترتّب على الولادة . من حيث الطّهارة ، وانقضاء العدّة ، ووقوع الطّلاق المعلّق على الولادة ، لتيقّن براءة الرّحم بذلك ، ولا خلاف في أنّ الإجهاض لا أثر له فيما يتوقّف فيه استحقاق الجنين على تحقّق الحياة وانفصاله عن أمّه حيّاً كالإرث والوصيّة والوقف . أمّا الإجهاض في مراحل الحمل الأولى قبل نفخ الرّوح ففيه الاتّجاهات الفقهيّة الآتية : فبالنّسبة لاعتبار أمّه نفساء ، وما يتطلّبه ذلك من تطهّر ، يرى المالكيّة في المعتمد عندهم ، والشّافعيّة ، اعتبارها نفساء ، ولو بإلقاء مضغة هي أصل آدميّ ، أو بإلقاء علقة . ويرى الحنفيّة والحنابلة أنّه إذا لم يظهر شيء من خلقه فإنّ المرأة لا تصير به نفساء . ويرى أبو يوسف ومحمّد في رواية عنه أنّه لا غسل عليها ، لكن يجب عليها الوضوء ، وهو الصّحيح . وبالنّسبة لانقضاء العدّة ووقوع الطّلاق المعلّق على الولادة فإنّ الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة يرون أنّ العلقة والمضغة الّتي ليس فيها أيّ صورة آدميّ لا تنقضي بها العدّة ، ولا يقع الطّلاق المعلّق على الولادة ؛ لأنّه لم يثبت أنّه ولد بالمشاهدة ولا بالبيّنة . أمّا المضغة المخلّقة والّتي بها صورة آدميّ ولو خفيّةً ، وشهدت الثّقات القوابل بأنّها لو بقيت لتصوّرت ، فإنّها تنقضي بها العدّة ويقع الطّلاق ؛ لأنّه علم به براءة الرّحم عند الحنفيّة والحنابلة . لكن الشّافعيّة لا يوقعون الطّلاق المعلّق على الولادة ؛ لأنّه لا يسمّى ولادةً ، أمّا المالكيّة فإنّهم ينصّون على أنّ العدّة تنقضي بانفصال الحمل كلّه ولو علقةً .
المرجع:
الموسوعة الفقهية /الجزء الثاني صفحة 42 وزارة الأوقاف والشؤن الأسلامية بدولة الكويت
اسئلة و اجوبة عن الحمل و الاجهاض من دولة الكويت
الإجهاض قبل أو بعد الأربعين يوماً من الحمل
سؤال :أود إحاطتكم علماً بأن لجنة الشؤون الصحية والاجتماعية والعمل (بدولة الكويت )ترغب في الاستفسار من لجنة الإفتاء في وزارتكم ، في شأن شرعية إباحة الإجهاض .
* جواب اللجنة : رقم الفتوى 625
* اطلعت اللجنة على المادة المتعلقة بالإجهاض ونصها كما يلي :
يحظر على الطبيب إجهاض امرأة حامل إلاَّ لإنقاذ حياتها ، ومع ذلك إذا لم يكن الحمل قد أتم أربعة أشهر يجوز الإجهاض في الحالتين الآتيتين :
( أ ) إذا كان بقاء الحمل يضر بصحة الأم ضرراً جسيماً .
( ب ) إذا ثبت أن الجنين سيولد مصاباً على نحو جسيم ، بتشوه بدني أو قصور عقلي لا يرجى البرء منهما ، ووافق الزوجان على الإجهاض .
ويجب أن تُجرى عملية الإجهاض في غير حالات الضرورة العاجلة في مستشفى حكومي ، وبقرار من لجنة طبية مشكلة من ثلاثة أطباء اختصاصيين ، أحدهم على الأقل متخصص في أمراض النساء والتوليد .
ويصدر قرار من وزير الصحة العامة بالشروط الواجب توافرها في أعضاء اللجنة الطبية المشار إليها والإجراءات الواجب اتخاذها لإجراء هذه العملية .
* وقد استعرضت لجنة الفتوى آراء الفقهاء في هذه المسألة فتبين لها بعد الاستقصاء التام ما يلي :
( أ ) الإجهاض بعد نفخ الروح أي بعد مائة وعشرين يوماً من العلوق لا نعلم خلافاً في تحريمه ، ولكن اللجنة ترى أنه إذا تحقق وجود خطر على حياة الأم فإنه يجوز إجهاضها ، لأن في ذلك إنقاذ إحدى الحياتين ، إذ لو ترك الجنين فماتت الأم فبموتها يموت الجنين ، ولأن حياة الأم حياة تامة مستقلة ، بينما حياة الجنين حياةُ تبعية مرتبطة بحياة الأم .
وليس من الخطر كون الحمل من زنى ، وإن خشي عليها القتل من أوليائها ، لأن الجنين معصوم الدم ، وحياة أمه غير معصومة إن كانت ثيباً ، فإن كانت بكراً فهي المخطئة فلا يحمل جنينها خطأها .
( ب ) الإجهاض قبل تمام أربعين يوماً من العلوق منعه جماعة من العلماء ، منهم الغزالي ومن تبعه وهو ظاهر مذهب المالكية ، وأجازه آخرون ، ومنهم الحنابلة وبعض الحنفية والمالكية ولو بغير حاجة ، وقال بعض الفقهاء بجوازه مع الكراهة ، وهو ظاهر مذهب الشافعية ، وهو قول عند الحنفية .
( ج ) الإجهاض بعد الأربعين وقبل مضي أربعة أشهر أجازه جماعة من الفقهاء بعذر ، ومنعه آخرون .
وعلى هذا ، فإن ما ورد في المادة ( 12 ) من هذا المرسوم يلاحظ عليها ما يلي :
1 – إذا كان بقاء الحمل يضر بصحة الأم ضرراً جسيماً ، يقيد الضرر بأن يكون مما لا يمكن احتماله ، أو يدوم بعد الولادة .
2 – متى تحقق وجود الضرر الذي نصت عليه المادة لا يشترط بجواز الإجهاض رضا الزوج ، لأنه قد يكون متوفى ، أو غائباً أو مطلقاً لا يحب السلامة لمطلقته .
3 – ولجنة الفتوى ترى أنه لابد أن يكون أكثر أعضاء اللجنة الطبية المنصوص عليها في هذه المادة – من المسلمين – الظاهري العدالة ، وتشترط موافقتها على القرار ، لأنه يترتب على الأخذ بقرارهم بجواز الإجهاض أحكام شرعية كثيرة كانقضاءِ العدة وحرمانِ بعض الورثة أو عدم حرمانهم إلى غير ذلك .
* وبناء على ما تقدم تقترح لجنة الفتوى أن تكون صيغة المادة ( 12 ) من هذا القانون كما يلي :
أولاً : يُحظر على الطبيب إجهاض امرأة حامل أتمت مائة وعشرين يوماً من حين العلوق ، إلاَّ لإنقاذ حياتها من خطر محقق من الحمل .
ثانياً : يجوز الإجهاض برضا الزوجين إن لم يكن تم للحمل أربعون يوما من حين العلوق .
ثالثاً : إذا تجاوز الحمل أربعين يوماً ولم يتجاوز مائة وعشرين يوماً لا يجوز الإجهاض إلاَّ في الحالتين الآتيتين :
( أ ) إذا كان بقاء الحمل يضر بصحة الأم ضرراً جسيماً لا يمكن احتماله ، أو يدوم بعد الولادة .
( ب ) إذا ثبت أن الجنين سيولد مصاباً على نحو جسيم ، بتشوه بدني ، أو قصور عقلي لا يرجى البرء منهما .
ويجب أن تُجرى عملية الإجهاض في غير حالات الضرورة العاجلة في مستشفى حكومي ، ولا تُجرى فيما بعد الأربعين يوماً إلا بقرار من لجنة طبية ، مشكلة من ثلاثة أطباء اختصاصيين ، أحدهم على الأقل متخصص في أمراض النساء والتوليد ، على أن يوافق على القرار اثنان من الأطباء المسلمين الظاهري العدالة .
ويصدر قرار من وزير الصحة العامة بالشروط الواجب توافرها في أعضاء اللجنة المشار إليها ، والإجراءات الواجب اتخاذها لإجراء هذه العملية . هذا .. وبالله التوفيق . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
إسقاط الجنين المريض
سؤال:هل يجوز الإجهاض في الحالات التالية : 1 – عندما يكون هناك خطر مرض وراثي مع دليل قوي على أن الجنين مصاب به .2
– عندما تكون الأم في حالة خطر سواء من الناحية البدنية أو العقلية .
– 3 – عندما يكون هناك احتمال وجود عيب خًلْقي بالجنين نتيجة لإصابة الأم بمرض أثناء الحمل ، مثل الحصبة الألمانية .
– 4 – إذا تم تشخيص عيب خَلْقي بالجنين أثناء الحمل .
– 5 – في حالات الحمل الغير شرعي .
– 6 – إذا لم تكن هناك رغبة في الحمل لسبب من الأسباب .
– 7 – عندما تكون المرأة الحامل غير قادرة على رعاية طفلها بسبب خلل عقلي أو عجز عن الحركة .
* جواب اللجنة : رقم الفتوى 651
يحظر على الطبيب إجهاض امرأة حامل إلاَّ لإنقاذ حياتها ، ومع ذلك فإذا لم يكن الحمل قد أتم أربعة أشهر يجوز الإجهاض في الحالتين الآتيتين :
( أ ) إذا كان بقاء الحمل مضراً بصحة الأم ضرراً جسيماً .
( ب ) إذا ثبت أن الجنين سيولد مصاباً على نحو جسيم – بتشوه بدني أو قصور عقلي لا يرجى البرء منهما ، ووافق الزوجان على الإجهاض . والله أعلم .
سؤال :امرأة حامل في شهرها السادس ومرض أحد أولادها بالحصبة الألمانية وانتقل الميكروب إلى الأم الحامل وبفحصها قرر الأطباء أن الميكروب انتقل أيضاً إلى الجنين ، كما قرروا أن الجنين المصاب بهذا المرض سيولد مشوهاً ، وأشاروا على والديه بإسقاطه . وفعلاً تم إسقاط الجنين بهذا السبب .فما حكم إسقاط جنين بهذا السبب ؟ وهل على والديه دية أو كفارة ؟ أو هما معاً ؟ وما مقدارهما ؟ ولمن تدفع الدية ؟
* جواب اللجنة : رقم الفتوى 653
يحرم إسقاط الجنين ولو كان مشوهاً مادام أنه لا خطر على حياة الأم .
والغرة على من باشر الإجهاض وهي نصف العشر أي ما يعادل 5% من الدية الكاملة .
إجهاض حمل السفاح
سؤال :لما كان الشرع والقانون قد أعطى الحق في الإجهاض في حالة الضرر الناجم من الحمل للأم وأباح الإجهاض في مثل هذه الحالات .فإني أود أن تفيدوني عن رأي الشرع من الإجهاض في حالات الحمل السفاح من شخص محرم مثل الأب أو الأخ ، وما هو موقف الشريعة الإسلامية حيال هذا؟ولما كان الشرع قد أباح الإجهاض في حالة تعرض الأم إلى الخطر ( سواء كان خطراً جسمانياً أو نفسياً ) فإن حمل السفاح الناتج من مَحْرم يؤدي إلى عواقب وخيمة ( نفسياً واجتماعياً وصحياً ) أيضاً والجدير بالذكر هنا أن في مثل هذه الحالات يكون الاحتمال لحدوث أمراض وراثية أو تشوهات خلقية أكثر بكثير من الحالات العادية . لذا أرجو التكرم بإفادتي بموقف الشرع تجاه الإجهاض في مثل هذه الحالات .
جواب اللجنة :رقم الفتوى 1051
لا يجوز شرعاً الإجهاض في الحالة المسئول عنها إذا كان الحمل قد زاد عن أربعين يوماً ، وليس الحمل من سفاح عذراً لإباحة الإجهاض في تلك الحالة ، كما أن مجرد احتمال حدوث أمراض وراثية أو تشوهات خلقية ليس عذراً إذ لا يعتبر عذراً إلاّ الخطر الجسماني على حياة الأم بحيث لو بقي الحمل لأدى إلى وفاة الأم كما لا يعتبر عذرا مبيحاً للإجهاض التهديد بقتل الأم لحمل السفاح ، وكذلك لا يعتبر عذراً العواقب الوخيمة ( نفسياً أو اجتماعيا ) الناشئة من الولادة بحمل السفاح ، سواء كان السفاح من أجنبي أو من مَحْرم ، لأن الإجهاض حينئذ لا يزيل جريمة الزنا التي وقعت ، وإنما يضيف جريمة أخرى . واللّه أعلم .
سؤال:أولا : يرجى تفضلكم بالإحاطة بأن وزارة الصحة العامة تواجه بعض حالات حمل من محرم ، ويترتب على هذا الحمل كثير من المشكلات القانونية كتسجيل المولود بسجل المواليد والوفيات ونسبه إلى المحرم الذي حدث منه الحمل ، كما تثير هذه الحالة آثاراً اجتماعية كوضع الطفل بعد الميلاد بين أفراد أسرته ، وفي المجتمع الذي يعيش فيه ، فضلا عن الآثار النفسية التي تصاب بها الأم والطفل وذووهما نتيجة هذه الواقعة المحرمة شرعاً .
ثانيا : كما تواجه الوزارة أيضا حالات حمل لأمهات ضعاف العقول من سفاح ، والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي يعاني منها ذوو الأم فضلا عن المشكلات الصحية والأمنية الأخرى .
لهذا ترغب الوزارة في عرض الموضوع على لجنة الفتوى لإبداء الرأي في مدى جواز إجهاض حالات الحمل من محرّم ، وإجراء عملية العقم المؤقت لحالات حمل الأمهات ضعاف العقول من سفاح ، وحكم الشرع فيهما ، تفادياً لوجود إنسان غير شرعي في الحياة ، وتجنبه المشكلات والآثار القانونية والاجتماعية التي تترتب على ميلاد هذا الإنسان البريء .
جواب اللجنة: رقم الفتوى ***
– اطلعت اللجنة على فتوى سابقة لها في الموضوع نفسه ورأت أنها تصلح جواباً عن السؤال الأول ونصه :
لا يجوز شرعا الإجهاض في الحالة المسؤول عنها إذا كان الحمل قد زاد عن أربعين يوماً ، وليس الحمل من سفاح عذراً لإباحة الإجهاض في تلك الحالة ، كما أن مجرد احتمال حدوث أمراض وراثية أو تشوهات خلقية ليس عذراً إذ لا يعتبر عذراً إلا الخطر الجسماني على حياة الأم بحيث لو بقى الحمل لأدى إلى وفاه الأم كما لا يعتبر عذرا مبيحا للإجهاض التهديد بقتل الأم لحمل السفاح ، وكذلك لا يعتبر عذراً العواقب الوخيمة ( نفسيا أو اجتماعيا ) الناشئة من الولادة بحمل السفاح ، سواء كان السفاح من أجنبي أو من محرم لأن الإجهاض حينئذ لا يزيل جريمة الزنا التي وقعت ، وإنما يضيف جريمة أخرى . والله أعلم .
– أما السؤال الثاني بشأن إجراء عملية العقم المؤقت لتفادي حالات حمل الأمهات الضعيفات العقول من سفاح فقد أجابت اللجنة عنه :بأنه يجوز إجراء عملية العقم المؤقت لضعيفات العقول تحقيقاً للمصلحة المبينة في السؤال إذا تمت العملية بموافقة أوليائهن ، ولا يكتفى بموافقة ضعيفات العقول لفقدان أهليتهن . والله أعلم .
سؤال:ما رأي لجنة الفتوى فيمن هتك أعراض كثيرات من الفتيات وكان نتيجة لذلك أن حملن منه سفاحاً ، ثم بعد أن تبين الحمل وظهور تخلق الجنين جلياً تواطأ الجاني ومن حملن منه على إسقاط الأجنة لدى بعض الأطباء ، وقد حصل ذلك فعلاً ، والآن تاب الباغي ويريد أن يستقيم على هذا ويحسن سلوكه ، فهل عليه شيء غير التوبة والندم وكثرة الاستغفار؟ وهل يعتبر مثل هذا الإجهاض قتل عمد وفيه القود ، أو تجب فيه الدية المغلظة ، أو غرة جنين أم يعتبر شبه عمد وفيه الدية المخففة؟ وهل عليه صوم أم لا؟ وهل يعتبر الطبيب والجاني والمجني عليهن شركاء في جريمة القتل والإثم سواء بسواء ، طالما كان ذلك بتعاون الأطراف الثلاثة؟
إذا قلنا بوجوب الصوم أيلزمهم جميعا أم يلزم البعض دون البعض الآخر؟ وكذلك الدية أو الغرة أتلزمهم جميعاً إذا قلنا بوجوب ذلك؟ وإلى من تدفع حيث لا ولي ولا عصبة للجنين المسقط؟ وإن الأم لا ترث لاشتراكها في القتل ، وقد علمنا أن القتل مانع من الإرث وأن الجاني ليس أباً شرعياً ، وزيادة على ذلك فهو قاتل ، أفيدونا تفصيل ذلك في شرع الله على ضوء كتابه الكريم وسنة نبيه العظيم أثابكم الله وأعظكم لكم الأجر والجزاء وهو ولي التوفيق .
* جواب اللجنة :رقم الفتوى ***
الجناية على الأجنة بالإجهاض محرمة إذا كان ذلك بعد تخلق الجنين ( بعد أربعين يوماً من العلوق ) ولو كان الحمل سفاحاً ويشمل الإثم الآمر بذلك والطبيب ونحوه ممن يقوم بتنفيذ ذلك ، والمرأة التي يحصل منها التمكين من الإجهاض ، وعلى هؤلاء التوبة وذلك بالندم والاستغفار والإكثار من فعل الخيرات والتقرب بالصدقات ويترتب على ذلك دية الجنين إذا طلبتها العاقلة ( العصبات ) ولم يطالب بها أحد في هذه الواقعة كما أفاد السائل ، وأما الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين فقد أوجبها بعض الفقهاء في الجنين إذا سقط ميتاً و استحبها بعضهم وهو ما تختاره اللجنة . والله سبحانه وتعالى أعلم .
الفحوص الطبية للحامل والمتزوجين
سؤال:يستطيع الطبيب اليوم بإجراء بعض الفحوصات أن يتوقع أو ( يتنبأ ) بأن الرجل والمرأة العاقدين العزم على الزواج ، لديهم فرصة كبيرة جداً أن ينجبوا أطفالاً مشوهين بأمراض وراثية ، في مثل هذه الحالات إذا قاما ( الرجل والمرأة ) باستشارة طبيب مسلم ، فهل يجوز لهذا الطبيب أن ينصحهما :
1 – بعدم الزواج ؟
2 – بعدم إنجاب أطفال بل بتبني أطفال ؟
3 – بإسداء النصيحة إلى الزوجة بالإجهاض إذا كان الحمل أقل من 16 أسبوعاً ؟
4 – بإجراء اختبارات خاصة على المرأة في بداية فترة الحمل ، للتأكد من وجود أمراض بالجنين أم لا ؟
وبناء على النتيجة قد ينصح بالإجهاض مع الوضع في الاعتبار أن بعض هذه الاختبارات في حد ذاتها قد تؤدي إلى الإجهاض .
* جواب اللجنة : رقم الفتوى 454
يستحب ، بل قد يجب في بعض الحالات إخبار الراغبين في الزواج بما تكشف عنه الفحوصات ، سواء كان حصول التشويه بالحمل مؤكداً أو محتملاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة ) . والله أعلم .
دار الإفتاء المصرية
استطلعت لجنة الشئون الصحية بمجلس الشعب رأى دار الإفتاء في بعض الفقرات الخاصة بالإجهاض في مشروع قانون المسئولية الطبية ودار الإفتاء تجيب: تشوه الجنين لا يُسَوِّغ الإجهاض ولا يعطي الحق في الاعتداء على النفس الإنسانية. يجوز شرعا إسقاط الجنين حفاظا على حياة الأم وصحتها
أكدت دار الإفتاء المصرية عدم جواز إسقاط الجنين وتحريم الإجهاض تحريما قطعيًّا باتفاق الفقهاء والعلماء إذا بلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا وهي مدة نفخ الروح فيه وأنه في حالة إسقاطه يعتبر قتلاً للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
وأوضحت دار الإفتاء أنه وبعد مراجعة الآراء المختلفة لعلماء المذاهب الفقهية الشرعية المعتبرة فإن الرأي الراجح المختار للفتوى في ذلك أنه يحرم الإجهاض مطلقًا سواء قبل نفخ الروح أو بعده إلا لضرورة شرعية؛ وذلك بأن يقرر الطبيب العدل الثقة أن بقاء الجنين في بطن أمه فيه خطر على حياتها أو صحتها، في هذه الحالة يجوز شرعا إسقاطه مراعاة لحياة الأم وصحتها المستقرة، وتغليبًا لها على حياة الجنين غير المستقرة .
وأشارت دار الإفتاء إلى أنه يستوي في الحرمة الشرعية القاطعة للإجهاض بعد الأربعة الأشهر ما إذا كان الحمل مُشَوَّها من عدمه، وأن تشوه الجنين أو ما شابه ذلك لا يُسَوِّغ ولا يعطي الحق في الاعتداء على النفس الإنسانية، إلا إذا رأت لجنة من الأطباء المتخصصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم فإنه يجوز الإجهاض سواء كان مشوها أم لا.
كما ذهب إلى ذلك علماء الفقه الإسلامي في القرار الصادر عن المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة أنه:”إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يومًا لا يجوز إسقاطه ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مُشَوَّه الخِلقة إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم فعندئذ يجوز إسقاطه سواء أكان مشوها أم لا؛ دفعا لأعظم الضررين”.
جاء ذلك في معرض رد دار الإفتاء على طلب الدكتور حمدي السيد رئيس لجنة الشئون الصحية والبيئية بمجلس الشعب حول الرأي الشرعي في بعض الفقرات الخاصة بالإجهاض في مشروع قانون المسئولية الطبية.
المركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية
11/4/2010
سؤال للجنة الافتاء في دار الإفتاء المصرية
زوجة أخي … حامل في أوائل الشهر الرابع، وقد أصيبت
بمرض الحصبة الألمانية، وقد أجمع خمسة أطباء مسلمون من تخصصات مختلفة
-حميات، جلدية، أطفال، نساء وولادة- على أن لذلك المرض تأثيرا على الجنين،
وأنه يُحدِث نسبة مرتفعة تقترب من تسعين بالمائة من العيوب الخلقية في
الجنين، منها ضمور في المخ أو ثقب في القلب أو تشوهات سمعية أو بصرية،
ونصحونا بإنزال الجنين. فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
الجواب
اتفق الفقهاء على أنه إذا بلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا -وهي مدة نفخ الروح فيه- فإنه لا يجوز إسقاط الجنين ويحرم الإجهاض قطعًا في هذه الحالة؛ لأنه يعتبر قتلا للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} الأنعام: 151، ولقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} الإسراء: 33، أما إذا لم يبلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا فقد اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض: فبعضهم قال بالحرمة، وهو المعتمد عند المالكية والظاهرية، وبعضهم قال بالكراهة مطلقًا، وهو رأي بعض المالكية، وبعضهم قال بالإباحة عند وجود العذر، وهو رأي بعض الأحناف والشافعية.
والراجح والمختار للفتوى في ذلك أنه يحرم الإجهاض مطلقًا سواء قبل نفخ الروح أو بعده إلا لضرورة شرعية؛ بأن يقرر الطبيب العدل الثقة أن بقاء الجنين في بطن أمه فيه خطر على حياتها أو صحتها، فحينئذ يجوز إسقاطه مراعاة لحياة الأم وصحتها المستقرة، وتغليبًا لها على حياة الجنين غير المستقرة.
وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز لزوجة أخيك شرعًا إجهاض حملها الحالي من غير إثم يلحقها في ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
http://www.dar-alifta.org/ViewFatwa.aspx?LangID=1&ID=368
مجمع الفقه الإسلامي
مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة فقد جاء في قرار المجمع المذكور ما نصه :[ قبل مرور مائةوعشرين يوماً على الحمل إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات وبناءً على الفحوص الفنية بالأجهزة والوسائل المختبرية أن الجنين مشوه تشويهاً خطيراً غير قابل للعلاج وأنه إذا بقي وولد في موعده ستكون حياته سيئة وآلاماً عليه وعلى أهله فعندئذٍ يجوز إسقاطه بناءً على طلب الوالدين .
والمجلس إذ يقرر ذلك يوصي الأطباء والوالدين بتقوى الله والتثبت في هذا الأمر ] قرارات مجمع الفقه الإسلامي ص 123 .
حكم هيئة كبار العلماء السعودية