كيف أنجب طفلاَ سليماَ ؟
6 طرق وقائية من الأمراض الوراثية والخلقية؟
قصة الممرضة المصابة بالسكر والعروس التي تزينت لزوجها بدواء مضر للجنين
لتحميل نسخة من المقال بصيغة بي دي اف
سؤال مهم، أليس كذلك؟ ولكن من المستغرب أنه لا يخطر على ذهن من يعيش في شهر العسل من المتزوجين حديثًا ولا حتى خلال الحمل، إلا طبعًا إذا ظهرت مشكلة خلال الحمل. الحقيقة الطبية تقول إن احتمال حدوث مشاكل خلقية كانت وراثية أو غير وراثية خلال الحمل لأي زوجين حوالي 3% وتزيد هذه النسبة إلى 5-6% في حالة زواج الأقارب. المستغرب أيضًا أن هذا السؤال لا يسأله غالبية الآباء حتى بعد إصابة الطفل الأول! بل في العادة لا يسأل الوالدان هذا السؤال إلا عندما يخططان للحمل الثالث بعد إصابة طفلين سابقين لهما! نعم الطفل الثاني وليس الطفل الأول، لأن الكثير يعتقد أن إصابة طفل واحد في عرفهم أمرًا عرضيًا ولن يتكرّر! والتكرار للمره الثانية جعلهم يطيلون الوقوف والتفكير، وأمام أعينهم علامة استفهام كبيرة: هل هذا مرض وراثي؟! وهل سوف يتكرّر للمرة الثالثة؟! إن التخطيط في تجنب إصابة الذرية ليس أمرًا ضروريًا فقط لمن سبق وأصيب له طفل أو لأحد أقاربه بل من المفترض أن يكون هدفًا للجميع. قد لا يكون بالإمكان طبيًا منع حدوث الإصابة بشكل كامل لكن من المهم معرفه كيفية تقليل المخاطر وزيادة الفوائد الصحية لولادة طفل سليم من الأمراض ويتمتع بصحة جيدة.
حمض الفوليك لكل لمتزوجات في سن الإنجاب
اتصل بي أحد الأقارب ليبحث إمكانية نقل طفله لصديق له من حديثي الولادة من مستشفىً خاص إلى المستشفى الحكومي المتقدم. فقد قدر الله أن
تولد بما يعرف بالصلب (الظهر) المشقوق. وهي حالة لا ينغلق فيها الحبل الشوكي في الشهر الأول من الحمل وتظهر الأعصاب كورم في الظهر فتسبب شللاً للأطراف السفلية مع مشاكل في الإخراج والتبول. أخذت أفكر في قصتها وأحسست بالألم وأنا أتفكر وأقول لنفسي هذا التشوه الخلقي يمكن الوقاية منه لو أن الأم هداها الله عملت بالأسباب وتناولت قرصًا من فيتامين (حمض الفوليك) قبل الحمل وخلال الأشهر الأولى من الحمل. نعم حمض الفوليك يمكن أن يقلل احتمال الإصابة بنسبة تصل إلى 75% وقد يكون هذا الأمر سابقة طبية ومعروفة منذ أكثر من 15 سنة ولكن للأسف أكثر الناس لا يعلمون. لو عرفنا أن الصلب المشقوق يحدث لطفل من كل ألف حالة ولادة وأن السعودية يولد لها 400 ألف طفل كل سنة فإنه سنويًا سوف يولد 400 طفل معاق بالصلب المشقوق. ولو تناولت كل النساء المتزوجات في سن الإنجاب واللاتي لا يستعملن مانع حملٍ معترف به (كاللولب أو حبوب منع الحمل) حمض الفوليك بشكل يومي؛ لتمت حماية 280 طفل بمشيئة الله. أمر سهل ولكن للأسف القليل من النساء يعرفن بهذه المعلومة وإن عرفن فإن القليل منهن يحرصن على تناول حمض الفوليك قبل الحمل.
مرض السكر للحامل يسبب تشوهات خلقية
زارنا في عيادة الوراثة طفلة صغيرة بصحبة والديها وكانت لديها عدة مشاكل خلقية. فلديها مشاكل خلقية بالقلب وقِصَر في عظمة الفخذ ومشاكل في الظهر. كانت الأم مصابة بالسكري ولكنها لم تهتم كثيرًا بالحفاظ على مستوى السكر قبل ولا حتى خلال الحمل. زاد استغرابنا عندما علمنا أن الأم ممرضة تعمل في مركز صحي! أيضًا أتذكر طفلاً نقل إلى المستشفى الذي أعمل فيه وعمره لا يتجاوز الأيام ولديه مشاكل خلقية متعددة وأيضًا أمه لم تهتم بمستوى السكر لديها خلال الحمل. أتذكر ابتسامة ذلك الطفل وهو ينظر إلى كل من يطل عليه في الحاضنة. يعتصر قلبك أسىً عندما تعلم أن الأم الشابة حتى بعد الولادة تخلت عن هذا الطفل وطلبت الطلاق! طفلٌ يعاني من مشاكل خلقية وأسرة مشتتة! قد نقول إن هذا التصرف دليل على عدم المبالاة أو قد يعكس وضعًا نفسيًا واجتماعيًا يحتاج إلى رعاية وعناية، ولكن من المفترض على الأم التي لديها مرض السكري أن تخطط لحملها فلا تقدم على الحمل إلا إذا أصبح مستوى السكر لديها ضمن معدلات مقبولة، لأن تَخلّق أعضاء الجنين يحدث في الأسابيع الأولى من الحمل. كذلك على من تصاب بالسكري خلال الحمل الحرص والمتابعة وعدم التساهل والتراخي في مثل هذه الأمور حتى لو احتاج الأمر إلى أخذ دواء الأنسولين فهذا الأمر يؤثر على حياة انسان مدى العمر. إن ارتفاع مستوى السكر في الدم هو أحد أسباب المشاكل الخلقية والتي بالإمكان بإذن الله الوقاية منها.
الحصبة الألمانية خلال الحمل ايضاً تسبب مشاكل خلقية
هل تعلم أن الحصبة الألمانية لو أصابت الأم الحامل قد تسبب مشاكل خلقية للجنين؟ من الممكن أن تؤثر على قوقعة الأذن وتسبب الصمم أو تؤثر على العينين فتسبب العمى أو حتى المخ وتسبب التأخر العقلي. هذا المرض بالإمكان الوقاية منه عن طريق أخذ جميع النساء المتزوجات للقاح الحصبة الألمانية. يجب على جميع النساء أن تأخذ هذا اللقاح قبل الزواج إذا لم يأخذنه خلال السنوات الأولى من عمرهن أو كان هناك شك في عدم أخذهن لهذا اللقاح. هناك جماعات تناهض اللقاحات وتعتقد أنها تتعارض مع الطبيعة أو أنها قد تسبب أمراضًا مثل التوحّد وغيرها، ولكن يغفل البعض منهم إلى أن بعض هذه الأمراض التي يتم التلقيح عنها إما أن تكون مميتة أو تسبب إعاقاتٍ أو تؤثر على الأجنة، لذلك تجد أن الإصابة بهذه الأمراض تأتي على شكل موجات فتصاب مجموعة كبيرة خلال أشهر، وعندما تبحث تجد أن هناك خللاً إما في عدم أخذ اللقاحات أو أن اللقاحات لم تكن فعّالة. وللأسف الكثير من الإشاعات حول اللقاحات هي بالأصل خاطئة كما هو الحال فيمن نشر شائعة أن لقاح الحصبة العادية مرتبط بالتوحّد، والنتائج أظهرت بطلان هذا الادعاء و لكنها أدت الى إصابة المئات من الأطفال بالحصبة -بعد خمس سنوات من ظهور هذه الإشاعة -بشكل ما كان يجب أن يحدث في دول متطورة طبيًا مثل أمريكا والعديد من الدول الغربية.
بعض الأدية خطرة على الجنين
الجميع يعلم أن بعض الأدوية قد تكون مضرة خلال الحمل. ومع ذلك تستمر القصص حول الأم التي تناولت دواء وهي لم تعلم أنها حامل. أتذكر امرأة كانت تخطط للزواج فذهبت إلى إحدى عيادات الجلدية الخاصة ووصف لها الطبيب علاجًا لحب الشباب فتناولت تلك الأقراص المسماه بالاكيوتين واستمرت عليها حتى بعد الزواج، فحدث مالا تحمد عقباه. أصيب الجنين بعدة تشوهات خلقية أكثرها في الوجه والأذنين والأطراف! عندما تتحرّى وتبحث تجد أن هناك خللاً من الطرفين: الطبيب والمريض. من المفترض ألا يؤخذ هذا الدواء إلا مع استعمال مانعين للحمل وأن يتم منع الحمل خلال ستة أشهر من بعد التوقف عن الدواء. الطبيب لم يكن يعلم أن هذه المرأة تخطط للزواج والمرأة لم تقدّر خطورة الأمر. الدواء يجب ألا يؤخذ إلا بوصفة طبية وعلى المرأة أن تنتبه لاحتمال حدوث الحمل في أي وقت ما دامت متزوجة.
الوقاية تبدأ قبل الزواج<
كل هذه الأمور بالإمكان الوقاية منها كان ذلك بتناول حمض الفوليك قبل وخلال الحمل أو التحكم بمستوى السكر خلال الحمل والاحتياط في عدم تناول أدوية خلال الحمل إلا بعد استشارة الطبيب. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل هناك طرق أخرى يمكن استعملها للوقاية من المشاكل الخلقية والأمراض الوراثية؟ الإجابة بنعم لكن الأمر ليس سهلاً وقد تحتاج الى مراكز متقدمة طبياً. وبشكل عام من الناحية الوراثية هناك طريقتان لمنع الإصابة بالأمراض الوراثية التي تم تشخيصها مسبقا. لكن قبل ان ادخل بذكرها عليك اخي القارئ ولكي تقي ذريتك من الإصابة عليك أصلاً أن تتفادى زواج الأقارب! الأمر الثاني هو لو كان هناك أحد في أسرتك لديه مشكلة خلقية أو مرض وراثي عليك قبل الزواج عمل فحوصات وراثية لتأكد من أن كلا الطرفين غير ناقلين لمرض وراثي وإذا كنت فعلا متزوج حاليا وباسرتك مريض مرض وراثي عليك استشارة طبيب الوراثة قبل الحمل بعدة أشهر لكي يتم التخطيط والبحث عن طريقة لمنع الإصابة.
فحوصات وسبل وقاية متقدمة
الطرق المتاحة في منع الإصابة في حال وجود مرض وراثي في الأسرة تعتمد في أغلب الأحوال على طريقتين: الطريقة الأولى هي “الفحص الوراثي للجنين خلال الحمل” قبل نفخ الروح خلال 120 يوم من الحمل فإذا تبينت إصابة الجنين ووافق الشرع على إجهاض الحمل ووافق أيضًا الأبوان يتم الإجهاض بعد التنسيق مع الكادر الطبي. والطريقة الثانية هي التي تعرف “بالفحص الوراثي قبل الغرز “وهي طريقة متقدمة تعتمد على تقنية طفل الأنابيب عن طريق التلقيح الصناعي وفحص البويضة بعد التلقيح في المختبر ثم غرزها في الرحم بعد ثبوت خلوها من المرض الوراثي. هذه هي طرق الوقاية من الأمراض الوراثية والخلقية، وللأسف ليس هناك شيء آخر؛ لا حقنة ولا أقراص تعطى قبل الحمل لمنع الأمراض الوراثية عدى ما ذكرنا لكم في هذا المقال المختصر. اسأل الله أن يحفظ الجميع وأن يرزقهم الذرية الصالحة السليمة والمعافاة من كل الأمراض.
You must be logged in to post a comment.