نظمت حملات توعية متنوعة في المدارس والدوائر الحكومية والمراكز التجارية
صحة دبي تصل للصفر في نسبة إصابة مـواطني الإمارة بالثلاسيميا
المصدر: دبي – عماد عبد الحميد
التاريخ: 24 أبريل 2016
لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي
يوصف مرض الثلاسيميا بالغول الذي يتغذى على الدماء، حيث يصيب الأجنة، ويتغذى على الدم من لحظة ظهوره ولا يفارق المصاب به إلا في حالات محدودة.
ويوصف مصابو الثلاسيميا بأنهم «الضحية الكبرى» لآبائهم، حيث إن العوامل الوراثية تلعب دوراً مهماً في الإصابة بالمرض، ولزواج الأقارب الدور الأكبر لزيادة فرص إنجاب طفل مصاب بالمرض.
الدكتورة خولة بالهول استشارية أمراض الدم ومديرة مركز الثلاسيميا والأبحاث التابع لهيئة الصحة في دبي أعلنت تمكن دبي من الحد من انتشار المرض، حيث طبقت إجراءات بسيطة تمثلت في زيادة حملات التوعية بين طلبة المدارس والجامعات والدوائر الحكومية والمراكز التجارية التي تقدمها للمقبلين على الزواج، حيث بلغت نسبة الإصابة بالثلاسيميا بين مواطني دبي صفر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، في حين ما زالت تسجل هناك بعض الحالات في الإمارات الأخرى نتيجة إصرار البعض على إتمام الزواج رغم العلم أنهم حاملين للجينات المورثة للمرض.
أعداد
وبينت الدكتورة خولة بالهول أن عدد المرضى الذين يتابعون في مركز الثلاسيميا والأبحاث، وصل لـ 1151 حالة منهم 403 مرضى يتابعون في عيادة هيموجلوبين الدم، و643 يتابعون في العيادات المتخصصة كعيادة السكري والغدد الصم للأطفال والبالغين، وعيادة النساء والتوليد والعيادة النفسية وعيادة القسطرة القلبية للتخلص من الحديد، وعيادة الأوعية الدموية في المخ لأمراض فقر الدم المنجلي، وذلك للتنبؤ بالجلطات الدماغية مبكراً، وعيادة الاستشارات الوراثية والعائلية لحالات ما قبل الزواج.
زراعة النخاع
وقالت الدكتورة خولة بالهول إن التقدم الطبي لا يتوقف وكل يوم هناك إنجازات طبية تساعد في شفاء الأمراض وتقلل من معاناة الكثير من المرضى، وعلى صعيد الثلاسيميا تم التوصل لأسلوب علاجي جراحي لنقل نخاع العظم وزراعته لمرضى الثلاسيميا، وقد تم لغاية الآن زراعة النخاع لـ 101 مريض 70% من المواطنين و30% من غير المواطنين، ويتم متابعتهم في عيادة ما بعد زراعة النخاع، والتي أجروها خارج الدولة، مشيرة إلى أن المرضى شفوا تماماً من المرض ويتم متابعتهم للاطمئنان عن أوضاعهم الصحية بشكل مستمر.
تبرع
وأشارت إلى أن عملية نقل نخاع العظم تعتمد على وجود متبرع، ويفضل أن يكون من أشقاء أو شقيقات المريض، حيث يتم إجراء اختبارات دقيقة للغاية قبل العملية للتأكد من التطابق (التلاؤم) النسيجي والخلوي بين المتبرع والمريض بنسبة 100%، ولا يتوفر هذا التطابق بين المريض ووالديه إلا في حالات قليلة جداً، وفي حال عدم توفر المتبرع فيكون البديل البحث عن متبرع من خارج حدود العائلة ويتم ذلك من خلال «البرنامج الدولي للتبرع بنخاع العظم»، وهذا يحتاج إلى وقت طويل حتى يتم العثور على متبرع دولي مطابق بنسبة 100%، وتزداد فرص نجاح هذا الأسلوب العلاجي في المرضى الذين لا يعانون من ترسب الحديد أو تضخم الطحال والكبد، ورفض الأنسجة عادة ما يكون أقل نسبة في الأطفال عنه في الكبار مشيرة بهذا الصدد إلى أن نقل وزراعة نخاع العظم يعتبر أسلوباً ناجحاً في علاج المرضى بالثلاسيميا.
آثار جانبية
وأوضحت أن المتبرع لا يعاني عادة من أي مخاطر تترتب على هذه العملية إذ أن بإمكان جسمه تعويض الكمية التي تم سحبها من نخاع العظم في فترة وجيزة وعادة لا تتسبب هذه العملية في الآلام أو مضاعفات.
وأوضحت أن عمليات زراعة النخاع ما زالت غير متوفرة في الدولة، وإنما تجرى في بعض الدول ومنها بريطانيا وألمانيا والهند وعدد قليل من الدول العربية، مشيرة إلى أن عملية زراعة النخاع تعتبر مكلفة، وفي حال حدوث مضاعفات ترتفع التكلفة لأن المريض والمرافقين سيضطرون للإقامة لمدة أطول.
أحدث العلاجات
وحول أحدث العلاجات الجديدة المتوفرة حالياً لمرضى الثلاسيميا قالت الدكتورة بالهول إن متابعة معدلات الحديد لدى مرضى الثلاسيميا من أهم الأمور في عملية علاجهم، وبقدر أهمية نقل الدم المنتظم لهؤلاء المرضى يجب الانتباه لمنع زيادة معدل الحديد بالدم منعاً للمضاعفات، ويستخدم عقار الدسفيرال على نطاق واسع في علاج مرضى الثلاسيميا، حيث خفض العقار تركيز الحديد بالدم، ويمنع أيضاً الحديد المخزون في الخلايا من تدمير هذه الخلايا أو تعطيل وظائفها.
وأوضحت أن مريض الثلاسيميا بحاجة لنقل الدم بشكل دوري كل 3 إلى 4 أسابيع، للمحافظة على المستوى الطبيعي للهيموجلوبين وذلك لكي يصل الأوكسجين إلى أجزاء الجسم بشكل أفضل، مما يؤدي إلى المحافظة على النمو الطبيعي للطفل، ومنع التغيرات التي تحدث في الجسم، كما يؤدي نقل الدم الدوري لمنع الأعراض الأخرى كحماية القلب من مضاعفات فقر الدم ومنع تضخم الكبد والطحال، ويحتاج المريض إلى كريات الدم الحمراء فقط، لذا يجب أن يرشح الدم المنقول من الكريات البيضاء والصفائح عن طريق فلتر طبي خاص.
تطور
وأوضحت أن السنوات القليلة الماضية شهدت ظهور بعض أنواع الأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم، وهذه الأدوية خففت إلى حد كبير من معاناة المرضى الذين كان يتعين عليهم استخدام مضخة الديسفرال لمدة تتراوح بين 8 إلى 12 ساعة يومياً للتخلص من الحديد المتراكم في الجسم، وهناك نوعان من الأدوية، الأول عبارة عن حبة تؤخذ ثلاث مرات يومياً مع الدسفيرال أو من دونه وبهذه الحالة يحتاج المريض إلى متابعة أسبوعية فقط.
وهناك نوع آخر وهو عبارة عن حبة تؤخذ مرة واحدة عن طريق الفم وهذا الدواء يعتبر من الأدوية المكلفة.
وحالياً لدينا في المركز 200 مريض يستخدمون هذا الدواء ولكن من المبكر لأوانه الحكم على الدواء، لأن السنة الأولى من استخدام أي دواء جديد هي للحكم على أمان الدواء والسنة الثانية نحكم فيها على فعالية الدواء وهؤلاء المرضى الآن يتم متابعتهم شهرياً وقد لاحظنا أن هناك ارتياحاً لديهم.
وحول سبب إعطائه لبعض المرضى دون غيرهم قالت: “قبل إعطاء الدواء الجديد يتم إجراء فحوصات كاملة لوظائف الجسم، ومنها الكبد والكلى والقلب وغيرها للتأكد من عدم حدوث مضاعفات، وقررنا بعد إجراء الفحوصات ومعرفة الوضع الصحي للمرضى تحويل عدد منهم لاستخدام الدواء، فيما تم إبقاء المرضى الآخرين على الأدوية التقليدية لأن لديهم بعض المشكلات التي تمنع من استخدام الدواء الجديد معهم”.
خدمات عالمية
وأوضحت أن المركز يعتبر الأول على مستوى المنطقة في تطبيق الخدمات النهارية بمعنى أن مريض الثلاسيميا يدخل المركز صباحاً ويخرج منه باليوم نفسه بعد إجراء كل الفحوصات والتحاليل ولا يحتاج المريض للإقامة بالمركز، وكلما كان المركز قريباً من المرضى كلما كان التزامهم بالمواعيد ونقل الدم أكثر، مشيرة إلى أن المرضى الذين يأتون من الإمارات الأخرى يجدون صعوبة في بعض الأحيان بالالتزام بالمواعيد المحددة بسبب بعد المكان والانشغال أحياناً.
أكثـــر أمـــراض الدم الوراثية انتشاراً في الدولة
وصف الدكتور عصام ضهير اختصاصي أمراض الدم أن الثلاسيميا يعتبر من أكثر أمراض الدم الوراثية انتشاراً في الدولة، ومن أكثرها كلفة من ناحية الأعباء المالية والاجتماعية والنفسية، واصفاً المرض بالغول الذي يتغذى على دماء الأطفال، مشيراً إلى أن هناك 436 مريضاً من المسجلين في المركز بحاجة إلى نقل دم مستمر والباقي عند اللزوم.
قضية صحية
وأشار إلى أن مرض الثلاسيميا يعتبر قضية صحية عامة في الدولة تؤثر على حياة الكثير من العائلات على المستويات الاجتماعية والطبية والمالية والنفسية، ويعد فحص ما قبل الزواج الذي تم إقراره في العام 2006 الوسيلة الأفضل للمساعدة في تقليل الإصابة بالأمراض الوراثية.
وأكد الدكتور عصام ضهير أن مؤسسة الشيخ سلطان بن خليفة للبحوث العلمية والإنسانية ومبادرتها المتمثلة في جائزة سلطان بن خليفة العالمية للثلاسيميا، أحدثت حالة صحية جديدة لم تكن موجودة في السابق ليس فقط على مستوى الدولة بل على مستوى العالم من خلال إذكاء الرأي العام بأهمية المرض ولفت الانتباه إلى إمكانية القضاء عليه من خلال برامج وطنية حقيقية طويلة الأمد تدعم المرضى وتعزز طرق العلاج، وفي الوقت نفسه تعمل على الحد من إصابة المواليد الجدد.
ووصف الدكتور ضهير الوقاية من المرض بأنها من أسهل ما يمكن من خلال فحص بسيط للدم للمقبلين على الزواج، مشدداً على ضرورة إجراء الفحص في مراحل مبكرة.
الثلاسيميا الكبرى
وأوضح أن الثلاسيميا الكبرى تعد من أكثر أنواع الثلاسيميا شدة وتأثيراً على المريض، وفي هذه الحالة يتواجد عند الشخص المصاب عطب في كل من المورثين للبيتا جلوبين، والنقص الذي ينتج عن ذلك يكون أكثر شدة، ويؤدي إلى نقص شديد في مستوى الهيموجلوبين في الدم بحيث يحتاج المريض إلى نقل الدم الدوري كل 3 – 4 أسابيع للمحافظة على نسبة عالية من الهيموجلوبين في الدم.
الأعراض
وأشار إلى أن أعراض المرض تظهر خلال السنة الأولى من العمر. وكنتيجة لتكسر كريات الدم الحمراء المبكر تظهر أعراض فقر الدم شديدة وتمثل بشحوب البشرة، مع اصفرار أحياناً والتأخر في النمو وضعف الشهية وتكرار الإصابة بالالتهابات، ومع استمرار فقر الدم تظهر أعراض أخرى مثل التغير في شكل العظام، وخصوصاً عظام الوجه والوجنتين، وتصبح ملامح الوجه مميزة لهذا المرض. كما يحدث تضخم في الطحال والكبد، ويتأخر الطفل في النمو.
صدفة
أما في الحالات البسيطة لحاملي المرض فقد يحدث فقر دم بسيط بدرجة لا يكون المرض فيها بادياً للعيان. ويعيش صاحبه بشكل طبيعي جداً ولا يحتاج إلى أي علاج. وقد لا تكتشف هذه الحالات إلا بالصدفة.
حالات
ينبغي على مريض الثلاسيميا عند سفره للعلاج خارج الدولة اصطحاب بطاقة خاصة تتضمن تاريخ المرض وموعد وكمية آخر دم تلقاه، ومن الأفضل أن يحمل معه تقريراً موجزاً بخطة علاجه بالإضافة إلى كل أدويته. ويفضل مراجعة الطبيب قبل السفر وعمل كل الفحوص اللازمة والتطعيمات الضرورية وذلك تفادياً من الإصابة بالعدوى، وتجنب نقل الدم في الدول التي لا تتخذ فيها احتياطات كافية لفحص الدم والمتبرعين.
http://goo.gl/JCVI24