هل يحصل طفلك على جرعته اليومية من الغذاء اللغوي؟!
بقلم لورين لوري: أخصائية معتمدة في مؤسسة هانن في مجال أمراض النطق واللغة والتخاطب
عندما نفكر في الأطفال والتغذية، يتبادر فورًا إلى الصورة الذهنية للخضروات والفواكه. ولكن هناك نوع آخر من التغذية يحتاجه الأطفال من أجل نموهم – وهو الغذاء اللغوي.
ما هو الغذاء اللغوي؟
في مقال حديث لزاوتش وزملاؤها من أتلانتا – جورجيا، تم نقاش العوامل التي كان لها الأثر الأكبر في تطوير اللغة للأطفال. فقد نظروا في 103 دراسة حول النتائج اللغوية للأطفال لمعرفة المكونات الرئيسية التغذية اللغوية.
نظرًا لأن بيئات الأطفال خلال السنوات الثلاث الأولى تقوم بتشكيل عملية تعلّم اللغة الخاصة بهم، فإنه من المهم فهم جوانب هذه البيئة التي تعد المفتاح لتطوير اللغة الأكثر تقدمًا.
لقد وصفوا الغذاء اللغوي بأنه يشمل الكلام واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ وﻗﺮاءة اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺎرك ﻓﻴﻬﺎ اﻵﺑﺎء والأمهات ﻣﻊ أﻃﻔﺎﻟﻬﻢ. نظرًا لأن بيئات الأطفال خلال السنوات الثلاث الأولى تقوم بتشكيل عملية تعلّم اللغة الخاصة بهم، فإنه من المهم فهم جوانب هذه البيئة التي تعد المفتاح لتطوير اللغة الأكثر تقدمًا. شملت الدراسات الأطفال الذين كانوا يتطورون بشكل نموذجي، بالإضافة للأطفال ذوي التأخر اللغوي أو غيرها من التأخرات في النمو.
وإليكم ما وجده الباحثون في أهم جوانب التغذية اللغوية لتطوير لغة الأطفال:
كميّة ونوعية كلام الوالدين تحدث فرقًا!
- تؤثر كمية الكلام الموجهة نحو الأطفال تأثيرًا مهمًا جدًا على مفرداتهم – ولكن ليس الأمر مقتصرًا فقط على عدد الكلمات التي يسمعونها. كما وجد الباحثون أن الأطفال يحتاجون إلى سماع الكلمات في محادثات محفّزة باستمرار بينهم وبين أهاليهم من أجل التعلم.
- إن سماع مجموعة متنوعة من الكلمات المختلفة من الوالدين يتنبأ بالتطور اللغوي للأطفال – وهذا يعني أن الأطفال يجب أن يسمعوا أكثر من أسماء الأشياء والأشخاص. إنهم على سبيل المثال بحاجة لسماع الكلمات التي تصف الأشياء ( كبيرة، طرية) وكلمات الأفعال (يقفز، ينام)، كلمات المكان (في، هناك) وكلمات الترحيب (أهلا، وداع) وكلمات السؤال (أين؟ ماذا) على سبيل المثال.
- الآباء الذين يستخدمون مجموعة متنوعة من القواعد النحوية في حديثهم مع أطفالهم يميلون إلى جعل أطفالهم يملكون مفرداتٍ أكبر، ويستخدمون جملًا أطول، وقواعد أكثر تقدمًا.
- تساعد طريقة ”الكلام المبالغ فيه“ الأطفال الصغار على انتقاء الكلمات من الجمل – الكلام المبالغ فيه هو الذي يتضمن الكثير من التكرار، تغيير درجات ونبرات الصوت، إصدار أصوات أطول للحروف، والبطء في الكلام مع الأطفال.
- الأهل الذين يستخدمون الكثير من الإشارات خلال كلامهم يميلون إلى أن يكون لديهم أطفال ذوي مهارات لغوية أقوى – على وجه التحديد، الإشارات التي تركز انتباه الأطفال على شيء ما، مثل الإشارة إلى الأشياء التي تلفت انتباه الطفل أو إظهار ما تعنيه الكلمة مثل رفع اليدين للأعلى لكلمة ”فوق ، تكون مفيدة جدًا لتعلم اللغة.
يتم تعلم اللغة خلال التفاعلات المتجاوبة
لاحظ الباحثون موضوعًا شائعًا في العديد من الدراسات وهو أهمية كل من المدخلات اللغوية من الآباء والتفاعل الاجتماعي. تعلم اللغة لا يكون سلبيًا من طرف واحد، بل من خلال المحادثات التي يتم إجراؤها باستمرار بين الطفل والأهل أثناء تحفيز التفاعلات الاجتماعية.
- تعزز التفاعلات المتجاوبة مع الأهل مفردات الأطفال وقواعد اللغة والاستعداد للمدرسة – أن تكون متجاوبًا يعني أن تمنح الاهتمام لأي شيء يلفت انتباه الطفل (وليس تغيير الموضوع أو اختبار معرفة الطفل). كما يعني السماح له ببدء التفاعل وإرسال الرسائل ومن ثم اتباع قيادته.
- أظهرت الدراسات أن التفاعلات المتجاوبة مع الأهل تنبأت بما يحققه الأطفال من انجازات لغوية معينة (مثل الكلمات الأولى والجمل المكونة من كلمتين).
- لا يؤدي سماع الكلام غير التفاعلي مع الطفل أو الذي يتم سماعه عبر الوسائط المتعددة إلى تعزيز مهارات الأطفال اللغوية – فقد تناولت بعض الدراسات ما إذا كان تعلم اللغة قد تحسن عندما يسمع الأطفال الكلام (ولكنهم لا يتفاعلون عندما يسمعونه) وعندما يسمعون اللغة من خلال وسائل الإعلام المختلفة (مثل مشاهدة التلفزيون أو عرض شيء ما على كمبيوتر أو آيباد). ولم يثبت مساعدة أي من هاتين الحالتين الأطفال على تعلم اللغة.
- تستفيد مهارات اللغة والتفكير لدى الأطفال من التفاعلات التي يكون فيها الأهل إيجابيين وحسّاسين – فالتفاعلات التي كانت أكثر سلبية في نبرة الصوت أو التي تتطفّل على ما كان يفعله الطفل أو تقيّد ما يمكن أن يفعله (مثلًا بإخباره ما يجب فعله بالضبط) تكون عادة مرتبطة بتأخر المهارات اللغوية والمعرفية لدى الطفل.
- يرتبط مقدار لعب الوالدين مع أطفالهم وإشراكهم في أنشطة التعلم وتعليمهم أشياء جديدة بتطوير المهارات اللغوية والمعرفية.
قراءة الكتب وأنشطة تعلم القراءة والكتابة يعززون تطوّر الأطفال
- قراءة الكتب بشكل متكرر مع الأطفال يعمل على تطوير مفرداتهم ومهاراتهم اللغوية ومهارات التفكير والفهم لديهم.
- إن الطريقة التي يقرأ بها الوالدين الكتب لأطفالهم تحدث فرقًا كبيرًا – طرح الأسئلة، وتشجيع الطفل على المشاركة، وإدخال مجموعة متنوعة من الكلمات والمفاهيم الجديدة جميعها تعزز فهم الأطفال، والمفردات، والقواعد، ومهارات القراءة والكتابة. لذلك، لا يقتصر الأمر على عدد الكتب المقروءة لكي تُحدث فرقًا، ولكن أيضًا على جودة القراءة لها.
- إن رواية القصص، وأناشيد الأطفال، وغناء الحروف الأبجدية، والأنشطة التي تعلّم الأرقام والحروف، جميعها تشجع على تطوير اللغة والقراءة والكتابة لدى الأطفال.
خلاصة الحديث …
من خلال التحدث والتفاعل والقراءة بطرق متجاوبة مع الطفل، يمكن للوالدين التأكد من أن تطور لغة أطفالهم يسير في الاتجاه الصحيح. يمكن للبالغين المهمين في حياة الطفل إحداث فرق كبير عندما يتعلق الأمر بتعزيز تنمية اللغة.
من خلال التحدث والتفاعل والقراءة بطرق متجاوبة مع الطفل، يمكن للوالدين التأكد من أن تطور لغة أطفالهم يسير في الاتجاه الصحيح.
مكونات التغذية اللغوية التي حددتها زوشي وزملاؤها في تأسيس نهج مركز هانن Hanen لتعليم اللغة والتخاطب:
- يحدث تعلم اللغة في من خلال تفاعلات ممتعة وتحفيزية وتفاعلية مع الأهل الذين يستجيبون لاهتمامات أطفالهم. باتباع نهج طفلهم خلال الروتين اليومي وأثناء اللعب معًا، ينشئ الآباء الفرص للتواصل مع طفلهم.
- يتعلم الآباء الاستراتيجيات التي تضمن أن لغتهم موجهة نحو مستوى طفلهم. من خلال استخدام الجمل النحوية القصيرة، والتأكيد على الكلمات المهمة، واستخدام الكثير من التكرار والإشارات، يمكن للوالدين مساعدة طفلهم على اتخاذ الخطوة التالية في تعلم لغته.
- تعتبر الكتب فرصة رائعة لتعزيز تعلم اللغة. يتعلم الوالدين الاستراتيجيات لتحويل قراءة الكتاب إلى وقت للمحادثة، حيث يمكنهم تعليم طفلهم الكلمات الجديدة، وبناء فهمه، وتوسيع تفكيره إلى ما وراء صفحات الكتاب.
ترجمة م. بلسم الزبيدي
التدقيق اللغوي: د. عبدالرحمن السويد
بتصرف من المصدر
http://www.hanen.org/Helpful-Info/Articles/Making-Sure-Children-Get-Their-Daily-Dose-of-Langu.aspx