أن سؤلك عن مستقبل طفلك و نموه وقدرته على اكتساب المهارات أمر متوقع من كل الآباء و ليس مستغربا أن يكون هذا الأمر هو ما يشغل كل تفكيركم منذ الأيام الأولى بعد وصول الخبر .فسؤلكم عن ماذا سيستطيع الطفل القيام به و متى يجلس أو يمشي أو يتكلم و كيف تستطيعون مساعدته لاكتساب المهارات سوف يكون كل ما يشغلكم و لذلك نقترح أن تبدؤوا أولا بتعلم بعض أسس النمو والمهارات لكي تستطيعوا بعدها أن تضعوا أهداف مستقبليه مدروسة و واقعية ومرتبه لمستقبل طفلكم و لكي تلعبوا دوراً فعالاً وحيويا لتحفيز نموه و دعم مرحلة التعلم لديه و تأهيله لكي يتأقلم مع كل ما يحيط به.
هل يتأخر اطفال متلازمة داون في النمو
أطفال متلازمة داون لديهم تأخر في جميع مهارات النمو بشكل عام مقارنه بإقرانهم الأطفال الآخرين. ولكن هذا التأخر متفاوت بين طفل وأخر. و هذا التفاوت ليس أمرا مستغربا فمن المعلوم أن مهارات النمو متفاوتة بين الأطفال الأسوياء فكذلك الحال في أطفال متلازمة داون. ولو أخذنا كمثال النمو العقلي والذي من الشائع قياسه بمقاييس معدل الذكاء فأننا نجد أن المعدل الطبيعي يتفاوت بشكل كبير بين الناس فـخمسة وتسعين بالمائة من الناس معدل ذكائهم يقع بين 70-130 درجه. فلذلك هناك طبيعيون معدل ذكائهم في الطرف العالي وآخرون في الطرف المنخفض وكل الطرفين هم من يصنفون بأنهم طبيعيين, كذلك الحال لإفراد متلازمة الداون فهناك تفاوت في معدل ذكائهم وقدراتهم العقلية فمنهم قريب من الطبيعي وآخرون دون ذلك. ولكن تقريباً جميع أطفال متلازمة الداون معدلهم اقل من سبعين درجة. ويتم تصنيف من لديهم تأخر عقلي حسب معدل ذكائهم فمن لديه معدل ذكاء بين 70-55 درجة يعتبر تأخرهم من النوع البسيط ومن هو بين 54-40 درجة فتأخرهم متوسط ومن لديه 39-25 درجة فتأخره شديد ومن هو اقل من 25 درجة فتأخره شديد جدا ومعظم أطفال متلازمة الداون من الفئة المتوسطه وهم قابلون للتعلم والتدريب والتأهيل وتتحسن قدراته العقلية وجميع مهارات النمو بقدر ما يقدم لهم من رعاية وتدريب بإذن الله.
ماذا عن القدرات العقلية
ويصعب تحديد معدل الذكاء بشكل دقيق للذين أعمارهم اقل من ثلاث سنوات مع تحفظنا على استعمال مقياس الذكاء كـمحدد وحيد لقدرات الطفل خاصة أن هذا الأمر يعتمد على أمور كثيرة منها خبرة المختص وتعاون الطفل وأسرته خلال الفحص. ولقد رأينا أمهات و أباء قلقون من هذا الأمر من أول يوم من عمر الطفل وليس لهم شاغل غير حرصهم على معرفه قدرات الطفل لدرجة أنها تشغلهم عن الاهتمام بالطفل ورعايته وتطوير مهاراته. فالبحث السؤال عن هذه الأمور التي يصعب الاجابه عليها من قبل امهر المختصين في الأيام الأولى من العمر يزيد من قلق الأهل ولا يقدم أي مساعده للطفل ناهيك عن إشغالها لحيز كبير من تفكيرهم، فنصيحتنا الحرص على تنشيط الطفل الاهتمام ببرنامج التدخل المبكر منذ البداية . ولا ننسى أن جميع أطفال متلازمة الداون بغض النظر عن قدراتهم لن يعجزهم الاعتناء بأنفسهم أو القيام بأعمال مفيده في المستقبل بإذن الله والاهم من التعليم الدراسي هو الاندماج في المجتمع وتقبل إفراد الأسرة والأقارب له والذي يتحقق عندما يهتم الأهل بالنظرة الصحيحة و الايجابية باتجاه طفلهم وتأقلمهم وتقبلهم لهذا الوضع الجديد
إن كلمه تأخر أو تخلف عقلي للأسف لها تصورات ذهنية خاطئة في المجتمع الأقل حظ في التحضر ولذلك فان المجتمع يبني تصورات وتوقعات متواترة بخصوص أطفال متلازمة الداون اقل بكثير من القدرات الحقيقة الكامنة فيهم.و الآن وبفضل الله ثم بتحسن الرعاية الصحية وبرامج التأهيل والتدريب والتعليم والتدخل المبكر وأيضا تحسن توقعات بعض الناس والأهالي لهذه الفئة فان هناك ارتفاع في معدلات وقدرات هذه الفئة العقلية وأيضا بقيه المهارات التنموية . وهذا يدل على أن ارتفاع سقف الطموحات المرجوه من هذه الفئة سوف تؤدي تلقائياَ إلى ارتفاع أدائهم والعكس صحيح. فيا أيتها الأم و يا أيها الأب كن متفائلا وارفع من طموحاتك وتوقعاتك الواقعية من غير المبالغة و جعل نصب عينيك و عقلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تفاءلوا بالخير تجدوه ”
جميع الأطفال ينمون ويكبرون ويتعلمون كذلك الحال لأطفال متلازمة داون فهم ككل الأطفال سوف يملأ احدهم البيت بالفرح والصراخ واللعب وسوف تتمتعون بمتابعتكم لنموه و صحته كما هو الحال ببقية أخوته. بلا شك سوف يحتاج لمساعدتكم وقد يكون نموه أبطأ من المعتاد ولكن سوف يكبر ويتعلم تحت أعينكم , ولذلك قد تشعرون بالفخر والاعتزاز والحماس بما قدمتموه له .
ثقف نفسك عن النمو
من المهم لكم كوالدين أن تثقفا أنفسكم حول مبادئ وأسس النمو والمهارات للأطفال وتتعرفا على أهميه دوركما لرفع مهارات طفلكم إلى أقصى قدراته , فالإباء الذين يشاركوا في تطوير نمو طفلهم سيشعرون بمعنى الخطوة الأولى التي يخطوها الطفل والكلمة الأولى التي ينطقها . فالتجارب و الأبحاث بينت أن الأطفال الذين يشارك والديهم مباشره في أمور النمو والمهارات يتقدمون بشكل أفضل من اقرأنهم الذين لا يشترك والديهم بشكل فعال. لذلك ليس هناك بديل من عناية الوالدين بشكل مباشر ومع تعاون المختصين فالوالدين باستطاعتهم إحداث تغييرات واضحة. التحديات موجودة والتدريبات متعددة ولكن الإحساس بطعم النجاحات والسعادة والفخر بما حققه طفلك إحساس تعجز عن وصفه الكلمات .
ما المقصود بالنمو؟
النمو هو العملية المترابطة للنمو الجسدي واكتساب المهارات وتعتمد هذه العملية على المكونات الوراثية للجسم وتأثير البيئة و الأسرة. وهي عمليه تستمر طوال العمر وهي انعكاس للنواحي البيولوجية والنفسية والاجتماعية والعادات أضافه للعوامل البيئية المحيطة. نمو طفل متلازمة داون يتأثر بالوضع الوراثي المتمثل بزيادة المادة الوراثية في الكروموسومات نتيجة زيادة عدد كروموسوم رقم 21 إلى ثلاث نسخ بدل نسختين وهذا الوضع لا يمكن تغييره طبيا بالعقاقير ولذلك فان المحيط الأسري والبيئة المحيطة بالطفل وما قدم له من رعاية وبرامج تدريب هي التي يجب أن يركز عليها بدلا من البحث عن حل جذري وراثي بعيد المنال على الأقل في الوقت الحالي .
تقسيمات النمو
يمكن تقسيم النمو إلى عدت تقسيمات قد يهتم بتفاصيلها المختصون أكثر من العامة ولكن سوف نعلق على احد الأنواع الأكثر شيوعا والتي تقسم النمو إلى ستة اقسم رئيسية:
– نمو الحركات الكبرى
– نمو الحركات الصغرى
– نمو اللغة والسمع
– نمو الإدراك والعقل
– النمو الاجتماعي
– الاعتماد على النفس
ومع أن كلاً من هذه الأقسام فيها مهارات متعددة حسب السن إلى أنها مترابطة مع بعضها البعض . فالتطور في احدها لهو انعكاس على الأخر فعلا سبيل المثال ،قدرات طفلك على الكلام والتخاطب تلعب دورا أساسيا في الاندماج الاجتماعي و اللعب مع الأطفال الآخرين كذلك الحركة الدقيقة لليدين لها دور أساسي لاكتساب الطفل مهارات الاعتماد على النفس في الأكل و اللبس و مسك القلم . ومع أن هذا التقسيم للنمو يفيد في فهم تفاصيل تطور النمو إلى انه يجب تذكر أن الطفل ينظر إليه على انه كتله واحده وليس مجزأ إلى أقسام منفصلة . وان التأخر والتقدم في جزئيه له تأثير سلبي أو ايجابي على الأجزاء الأخرى فلذلك ابتعد عن التركيز خلال التدريب على جزء بشكل دائم واحرص على التوازن الكلي في كل الأقسام .
الحركات الكبرى
هذه الحركات التي تمكن الجسم من الحركة والانتقال وتعتمد على القوه العضلية بالمقام الأول خاصة عضلات اليدين والأرجل والجذع . ومن الحركات الكبرى الرئيسية الجلوس و الحبو والتحكم بالرقبة والوقوف والمشي وصعود الدرج والنزول منه .وهذه المهارات تساعد الطفل في التنقل .
الحركات الصغرى
هذه الحركات تمكن الشخص من التحكم بالأشياء الصغيرة والحركات الدقيقة وتتركز فالمقام الأول في اليدين والأصابع . فالتقاط الأشياء بإصبعين والكتابة ومسك القلم وتركيب الأشياء كلها تعتد على المهارات العضلية الموجودة في اليدين والتي يتحكم بها الدماغ والحبل ألشوكي ومن المهارات الصغرى التحكم بحركات العينين والوجه واللسان .
اللغة
أن تعلم التخاطب والتواصل مع الآخرين بمهارة عاليه تتطلب سلامه جميع أعضاء التخاطب ابتداء من العقل وانتهاء باللسان . واللغة التي تتعلق بالكلام والمقام الأول هي جزء من التخاطب الذي يشمل حركات الوجه واليدين والجسم . تنقسم اللغة إلى جزأين رئيسين الأول أو الاستقبال والثاني هو التعبير . فلغة الاستقبال هي قدره على سماع وفهم الكلمات وتعابير. بينما اللغة التعبيرية هي القدرة على استعمال كلمات والتعابير الحركية والكتابية في التواصل مع الآخرين .خلال مرحله اكتساب اللغة فان فهم الكلمات (لغة الاستقبال ) تسبق القدرة على التعبير واستخدام تلك الكلمات . ولذلك ليس من الغريب أن يلاحظ الأهل بان الطفل يفهم أكثر من ما يتكلم . ولو دققنا في حديثنا بشكل عام فسنجد أن لدينا حصيلة عاليه من الكلمات التي نفهم معانيها مقارنه بعدد الكلمات التي نستخدمها في حديثنا اليومي .
الإدراك والقدرات العقلية
الإدراك والقدرات العقلية قد لا نجد تعريفا كاملا لمعنى الإدراك والعقل ولكن من ابسط التعريفات العملية هي القدرة على تحليل العلاقة السببية بين الأشياء وحل المعضلات وتشمل هذه القدرات القدرة على إدراك وجود الأشياء بعد اختفائها عن الأعين (التواجد الدائم ) وإدراك العلاقة بين السبب والنتيجة , واستخراج الاستنتاجات عند حدوث أمر مباشر للشخص أو عند مشاهدته أو سماعاه في المستقبل
لاشك أن هذه مهارات معقده وتأخذ وقتا لاكتسابها وفي العادة اكتسبها الأطفال الصغار والرضاع عن طريق اللعب فمثلا إخراج شيء مخفي من تحت قطعه قماش تعلم الطفل مهارات تواجد الأشياء حتى بعد اختفائه , كذلك استخراج الأشياء من العلبة برفعها وقلبها تعلم الطفل العلاقة بين السبب والنتيجة . كذلك وضع الثقة ومكعبات فوق بعضها تعلم الطفل الأحجام والأشكال . كل هذه المهارات وغيرها تبني اسساً رئيسيه في الإدراك والفهم للعالم المحيط به وعلاقة الأشياء ببعضهم وعلاقة الأشياء ببعضهم وكيف يمكن التعامل وتغيير ما يحيط به واستعماله التعامل معه .
التفاعل الاجتماعي
هي قدره على التفاعل مع الآخرين فمنذ الولادة فالطفل يتعلم كيف يتعامل مع جسمه ومن حوله وكيف يلعب مع الألعاب ومع الآخرين فيبني علاقة واتصال كذلك يبنون شخصيتهم وحدود استقلاليتهم . فمع تقدم العمر يتعلم الطفل كيف يندمج مع اقرابه
ومع بقيت المجتمع . وهذه هي القواعد الاساسيه للوصول للنضوج الاجتماعي على مستوى الأسرة وأصدقاء المجتمع .
مهارات الحياة اليومية
الاعتماد على النفس هي القدرة على الاستقلال وعمل مهرات الحياة اليومية مثل الأكل والشرب واللبس والحركة ومهارات الحمام وتحكم بالمخارج
.
الطموح والتوقعات والأعمال
أهالي أطفال متلازمة الداون مثلهم من الأهالي الآخرين يودون أن يعرفوا كيف سينمو طفلهم مقارنه بأقرانه . وهنا مؤكد أن هناك تفاوت بين سن اكتساب المهارة للجميع الأطفال كانوا أطفالا طبيعيين او من ذوي متلازمة الداون ولذلك فان هناك حدود سنيه لاكتساب هذه المهارات وليس عمراً محددا , فعلا سبيل المثال يمشي الطفل الطبيعي بين الشهر العاشر والشهر ثامن عشر وليس على سن اثنا عشر شهرا كما هو مشهور بين الناس . لذلك من الممكن ان يحبوا الطفل الشهر السادس والبعض الآخرين لا يحبون إلى بعد الشهر العاشر , وهناك من لا يحبوا إطلاقا بل يقف ويمشي بعد الجلوس . كل هؤلاء يعتبرون طبيعيين . ولذلك فطفل متلازمة داون قد يكتسب بعض المهارات في الحدود الطبيعية لحالته وقد يكون بطيء لبعض المهارات الأخرى . قد يتعلم طفلك المشي قبل أقرانه ولكن قد يتأخر بالكلام وهناك أمور في النمو واكتساب المهارات أهم من سرعة الطفل في اكتسابه للمهارة أو كم عدد المهارات التي اكتسبها فنوعيه إتقانه للمهارة أهم من الكميه والعدد فلذلك عليك الاهتمام بنوعيه المشي من توازن وقوه وتناسق في الحركة أكثر من المشي المبكر ويذكر أن كل مهارة عبارة عن طوبه في مبنى كبير ولذلك فبناء القاعدة القوية من هذا الطوب مهم للبناء بالكامل وأنت كـ أب أو أم للطفل قد تكون من أهم المصادر القوية لبناء هذه القاعدة أضافه إلى البرامج التأهيلية المساعدة .
من الضروري تشجيع أطفال متلازمة الداون للاكتشاف والتعلم ولان يكون فضولياً ومحباً للاكتشاف بل هذا ما يجب أن يكون عليه جميع الأطفال لو تدخل الأهل للإجابة على كل أمر فضولي أو لم يسمح باستكشاف والتجربة فان النمو قد يتأخر فترك طفلك يتحمل بعض المخاطر كالسقوط عند المشي وفي نفس الوقت كن عونا له في تخفيف الألم وتكرار المحاولة في المشي أو صعود الدرج فهذا بلا شك أسهل من محاوله تشجيع طفل غير مغامر في الاستكشاف والتجربة .
أنشطة التواصل
|