أختي الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله لكم مولودكم الجديد وجعله من مواليد السعادة وأقر به أعينكم وعافاه لكم و أصلح شأنه.
اسمي أمل، كنت قبل مدة في غرفتي في المستشفى في حالة مشابهة لما تمرين به الآن. علمنا بعد ولادة ابننا فيصل أن صحته ليست بالشكل الذي كنا نتوقع، بعدها مررنا بفترات عسيرة إلى أن استعدنا بحمد الله توازننا وبدأنا نفكر بشكل أكثر واقعية. لقد مررنا بجميع المراحل التي يمر بها من يتلقى خبراً لم يتوقعه (الخوف، الغضب، الإحساس بالاكتئاب.) اختصار جميع أنواع المشاعر الإنسانية. لقد كنت خائفة جداً، خائفة من المجهول، كيف أربى فيصل كيف اعتني به، مدى تأثيره على حياتنا. كنت أتألم وفى بعض الأحيان لا أستطيع التحكم بانفعالاتي، كنــت في البداية أتسأل لماذا حدث لنا هذا، كنـــت متأكدة أننا لم نقم بأي عمـــل خاطئ. كــانت أحاسيس متلاطمة وأفكار متضاربة. أعلم الآن إن ذلك كله كان من شدة صدمة الخبر.
لقد كبر فيصل الآن ، إنه يلعب مع بقية أشقائه. يركض، يضحك، الكل يحبه. بعض الأحيان أتساءل لمإذا كانت كل تلك المشاعر و الأحاسيس الانفعالية الشديدة… فيصل جعل لحياتنا طعماً مميزاً عندما يبتسم فإن كثيراً من مخأوفنا تتلاشى. لقد أخذنا وقتاً ليس بالقليل حتى استطعنا التحكم بمشاعرنا وانفعالاتنا، نعم كان علينا جميعاً أن نعبُر هذا البحر الكبير من المشاعر، كلا بطريقته حتى وصلنا إلى بر الأمان و الرضا والقبول. لا أستطيع أن أقول أن تلك الفترة كانت مرحلة سهلة و لكن بدعائي ربى ثم بمساعدة زوجي وترابطنا مع بعضنا البعض استطعنا التغلب على كثير من الصعاب. لقد تعرفت على مجموعة من الأمهات رزقهن الله أطفال لديهم متلازمة داون. كنا نجلس نتحدث عن أطفالنا ونتبادل الأفكار والخبرات المتواضعة، كانت أحاسيسنا يغمرها الغبطة عندما نقدم شيئاً ( أي شيء ) لمساعدتهم.
كنت أنا وزوجي نقوم ببرنامج تنشيطي لفيصل، نكثر اللعب و التحدث معه أعطيناه الكثير من وقتنا بكل سرور. نشعر بالفرح عندما نراه تدريجياً يتقدم خطوة خطوة إلى الأمام. ومع ذلك لم ننسى أنفسنا، لقد كانت علينا مسؤوليات أخرى، نعم كان علينا أن نعيش حياتنا، نستمّتع بما أنعمه الله علينا من نعم، ونحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه. ربما المرحلة التي تمرين بها الآن هي أصعب المراحل، فالذهن يعتصر و القلب يتألم. النوم قليل، والأفكار كثيرة و مشتته، ولكن عليك أن تحافظي على توازنك وتضعي الأمور في وضعها الصحيح. أنصحك بان تحصلي على كل المعلومات التي تحتاجين. ثم خذي بعض الوقت لرسم صورة وخطة للمستقبل.
ليس كلنا يمر بجميع المراحل وقد تكونين الآن في مرحلة أفضل مما كنت عليه. أنصحك بتكوين صداقات جديدة مع بعض الأمهات. أنا متأكدة أنك ستجدين المساعدة من الأطباء والممرضات وبقية عائلتك، أتمنى لكِ التوفيق و لمولودكِ الصغير الصحة و العافية ولعائلتكِ الكريمة المزيد من الترابط والتفاهم.