البكاء في المعالجة
بالنسبة لمعظم الأهالي وأعضاء الأسر والمعالجين، فإن البكاء يمكن أن يكون عقبة يصعب تجاوزها لغايات التعليم والعمل مع الطفل الصغير. وبالرغم من أنه قد يصعب التعامل مع هذه السلوكيات، ولكن من المهم فهم أسباب انزعاج الطفل والأشياء التي يمكن عملها لمعرفة طريقة تفكيره. برأيي، إن مفتاح التعامل مع هذه القضية هو محاولة معرفة من أين أتى هذا الطفل، ومحاولة فهم الأشياء كما يراها من وجهة نظره. وبذلك، ستكون قادرًا على معرفة الفرق بين أن يكون معترضًا على شيء جديد أو أنه متألم ويحتاجك للتخلص من الألم أو مساعدته في التعامل من هذا الوضع.
الرؤية بنفس وجهة نظر الطفل
لهذا السبب، يفضل التراجع خطوة للخلف ومراقبة الطفل. نحن غالبًا ما نعتقد بما اننا أكبر سنًا و”أكثر حكمة”، وهدفنا الأساسي هو تعليم الطفل الأشياء التي نعرفها ونفهمها. بالرغم من ذلك فإن كل طفل مختلف، ولكل واحد منهم أحلامه الخاصة وآماله ومخاوفه. ولهذا فإننا يجب أن نتعلم من الطفل بنفس القدر الذي يتعلم به منا. المقدرة على فهم الطفل تصبح أمرًا في غاية الأهمية عندما نعمل مع الطفل على تطوير ذاته خصوصًا. عند الاستجابة للمواقف والواجبات الغريبة على الطفل، فإنه غالبًا سوف يبكي لأنه لا يريد القيام بها. لهذا من المهم أن نعرف الفرق بين بكاء الطفل كاستجابة للمواقف الجديدة أو كاستجابة لألم حقيقي. إذا كان متألمًا بشكل حقيقي، فلا بد من التخلص من الألم ومساعدة الطفل في معرفة ما الذي يجري. أما إذا لم تكن الحالة كذلك، فمن المهم إبقاء واستمرار المعالجة.
ربما تسأل، لماذا تكون الحالة كذلك؟ إذا كان الطفل يعترض فقط، فإن توضيح الأمور له سيكون أكثر فعالية من إيقاف العلاج كلما بدأ البكاء. إذا توقفت، فإنه وبشكل لا إرادي سيفترض بأن البكاء سيكون الحل الذي يمنعك من جعله ينفذ بعض الأشياء. إنها آلية دفاع عن النفس، ولذلك تحتاج أن توضح للطفل ماذا وكيف ولماذا يجب عليه فعل شيء ما لجعله قادرًا على الفهم. وبذلك، فإن الطفل سيستوعب ما يتم تعليمه وستكون قادرًا على الاستمرار بمعالجته.
آثار هذه الطريقة
لعرض مدى فاعلية هذه الطريقة، سوف أخبركم عن واحدة من تجاربي مع طفلة تعاني من الشلل الدماغي. عندما كنت أعمل معها، كنت أتأكد من أن أوضح لها وظيفة وهدف كل نشاط نقوم به معًا. خلال عملية معالجتها، قالت لي والدة الطفلة، ” أنت أول معالج لم تبكِ طفلتي معه.” وسألت والدة الطفلة: هل تكلم أحد مع الطفلة ووضح لها ما الذي يفترض بها عمله؟ وعندما أجابت الأم بالنفي، كان من السهل معرفة الفوارق التي شاهدَتْها في عملية تعلم طفلتها وسلوكياتها.
كلما واجهتني مثل هذه المواقف، أسأل نفسي: لماذا يتوجب علينا أن نفترض أشياء عن الطفل ونحاول جعله يتبعها، بينما نستطيع بسهولة سؤال الطفل عن أي خطأ ونوضح له ما الذي سنقوم بفعله معًا؟ إذا لم يرغب الطفل بعمل الأشياء التي يتوجب عليه فعلها، تكون الطريقة التي يجب اتباعها هي الشرح، والمتابعة، والإعادة مرة بعد مرة. وهكذا يصبح الطفل قادرًا على التعلم والمتابعة في نهاية الأمر. عندما نعمل للطفل كل شيء، بدلًا من مساعدته بينما يتعلم القيام بتنفيذ الأشياء وحده، فإنه سيفترض بأن كل شيء يمكن أن يتم عمله له بواسطتنا. وإذا كانت الحالة كذلك، فلماذا يجب عليه تنفيذ التعليمات والاجتهاد لأجل تنفيذها؟ وبدون إعطائه سببًا للقيام بالأشياء، فإن الطفل سيستمر في الاعتراض والبكاء كلما واجه مواقف جديدة.
ولذا فإن نصيحتي النهائية للأهل، والمعالجين ومقدمي الرعاية هي كالآتي: تواصلوا مع الطفل. وضحوا له لماذا يتوجب عليه انجاز وظيفة معينة وبيان كيفية القيام بها. من الضروري أن تكونوا صبورين، ومثابرين ومتفهمين، لأنكم أنتم من سيعلمه ما الخطأ، وما الصواب، ما الصحيح وما هو غير الصحيح. وعندما تساعده في التعرف على العالم، تذكر: أن طفلك ذكي، وأن عليك أن تدعمه وترشده بينما يستمر في طريق التطور.
ترجمة: طارق هياجنة
المصدر: Crying in therapy