سهولة تشتيت الانتباه!
أحب وظيفتي! فهل يوجد وظيفة (تتسم بشرعيتها وأخلاقيتها) حيث يتم الترحيب بك بالقبلات والأحضان؟ إن شعور المودة الفطري الجميل لدى الأطفال يصعب منافسته ومع ذلك أضطر أحيانا لتجاهله وعدم إظهار هذه المشاعر خصوصا عندما أتبع أسلوب المنع (سأتكلم عنها لاحقا في مدونة أخرى). هناك نقطة أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار نظرا لصعوبة ملاحظتها دائما.
يبدأ الوالدان بالتفاعل مع أطفالهم منذ سن صغيرة بالغناء والحديث معهم وبناء رابط عاطفي والمهارات اللغوية والاستمتاع معهم. وهذا الأمر له أهمية قصوى لأي رضيع وذا أهمية أكبر إذا كان الطفل مصاب بمتلازمة داون. يستجيب معظم الرضع بالابتسامات والضحك والتمتمة وتعابير الوجه وذلك يشجعنا للاستمرار بالقيام بها وتعتبر ردود الأفعال هذه مفيدة ويقوم بها كل طفل ولكن هناك عنصر آخر من عناصر نمو الطفل يجب على الآباء أن ينتبهوا إليها.
إن الأطفال المصابين بمتلازمة داون يصعب عليهم التركيز على نشاط أو شيء معين لفترة طويلة من الزمن في ظل وجود تفاعل اجتماعي أو أي حدث قد يشتت انتباههم. لاحظت ذلك على إحدى الفتيات التي تبلغ من العمر سنة وثمانية أشهر عندما توقفت عن اللعب بدميتها لمجرد سماعها حديث لبعض الأشخاص ومن ثم فقدت التركيز على كل النشاطين.
معظم الأطفال الصغار يقومون بمعالجة الأمور تسلسليا أي يهتمون بحدث واحد على حده، بينما الأطفال بمتلازمة داون يقومون بمعالجة الأمور تسلسليا لفترة طويلة من الزمن. فالطفل المصاب بمتلازمة داون يستغرق فترة ليتعلم ويقوم بتمييز المؤثرات الخارجية وبالتالي يصعب عليه التركيز.
وأحب أن أتطرق لأمر ألاحظه دائما وهو سماح الوالدين لطفلهم بترك لعبة ما أو نشاط معين والبدء بنشاط آخر كاللعب أو الحديث معهم لأن هذا السلوك هو المفضل عند الآباء. على الرغم من أن الهدف من عمل ذلك هو تفاعل الطفل مع اللعبة (على سبيل المثال، إنهاء اللغز) لفترة ما ومن ثم البدء بنشاط آخر يسمح به الأهل لمدة دقيقتين. ولإطالة فترة الانتباه ومساعدة الطفل على تعلم كيفية إنهاء مهام متعددة (مع عدم التشتت من المؤثرات الخارجية)، يحتاج الوالدان إلى مساعدة الطفل على تعلم الالتزام بإنهاء مهمة ما. مثلا إذا اعتاد الطفل إنهاء اللغز في دقيقتين، يمكن أن يتم تشجيعه وتحفيزه لإنهائه بوقت أقصر مع زيادة الوقت عدة ثوان.
هناك طريقة أتبعها كثيرًا عندما أحاول تعليم الطفل كيف يركز على أحد مصادر التحفيز المناسبة وهو أن أقوم بتغطية عينه مما قد يشتت انتباهه. عندما يقوم مجموعة من الأشخاص بالحديث ويبدأ الطفل بالنظر اتجاههم، أقوم برفع يدي أمام وجه الطفل كحاجز يمنعه من رؤية المتكلمين. بهذا الأسلوب أحاول أن أعيد تركيزه على المهمة التي يقوم بها قبل حدوث ما يشتت انتباهه. أحد سلبيات هذا الأسلوب هو اعتباري كمصدر تشتيت انتباه لذا لا أقوم بالنظر مباشرة إلى عينيِّ الطفل أو التحدث كثيرًا وعادة يكفي القيام بحجب مصدر التحفيز المسبب لتشتيت الانتباه أو البدء بنشاط آخر (لغز مثلا) كنوع من التشجيع إذا لزم الأمر.
يجب على جميع الأطفال أن يتعلموا كيفية تقنين واختيار ما يجب عليهم فعله ولكن ما نقوم به كآباء من مكافئتهم بالسماح لهم بالنظر والاستمتاع بالمشاركة فيما يشتت تركيزهم قد يصعب عليهم هذه المهمة. إن الغرض من القيام بحل الألغاز والأنشطة الأخرى هو الاستمتاع والمرح ويجب مكافئتهم عليها فقط عندما يتمكن الطفل من إنهاء ما بين يديه من نشاط.
جُل اهتمامي ينصب على مدى تأثير ما نقوم به من السماح للمؤثرات الخارجية بتشتيت انتباه الطفل في وقت مبكر على تعلم كيفية إنهاء عده مهام سويًا كإنهاء لعبة الألغاز والحديث مع الغير في نفس الوقت.
ترجمة الجوهرة العييد
المصدر: So Easily Distracted!