العلاج الوظيفي ومتلازمة داون
إذا كنت أحد الأبوين وتقرأ هذا المقال، فمن الأرجح أنه لديك طفل مصاب بمتلازمة داون، كما هو الحال معي. إن غرضي في هذا المقال هو توضيح بعض المعلومات عن دور المعالج الوظيفي في مساعدتك ومساعدة طفلك. حيث أن المعالج الوظيفي لديه الخبرة والمهارة فيما يتعلق بنمو الطفل وجهازه العصبي وحالته الصحية والنمو النفسي وأساليب علاجه. لذا فالمعالج الوظيفي يركز على قدرة الطفل في إجادة بعض المهارات ليمارس استقلاليته، وهذه المهارات تتضمن:
– مهارات الاعتماد على النفس (تناول الطعام، ارتداء الملابس، قضاء الحاجة .. الخ)
– المهارات الحركية الكبرى والدقيقة.
– المهارات المتعلقة بأدائه المدرسي (الرسم، القص .. الخ).
– مهارات اللعب وقضاء وقت الفراغ.
1/ مرحلة الرضاعة
عندما يكون طفلك رضيعًا، فإن اهتمامك ينصب مباشرةً لصحته ونموه وتطور المهارات الحركية الأساسية لديه وتفاعله معك ومع الآخرين واهتمامه بما يدور من حوله وقدرته على النطق والاستجابة.
دور المعالج الوظيفي في هذه المرحلة
1. يساعد في تغذيته (ويمكن أيضًا الاستعانة بأخصائي التخاطب) حيث أنه من الصعب تغذية الرضيع المصاب بمتلازمة داون بسبب ارتخاء وضعف التوتر لعضلات الخدين واللسان والشفاه. لذا فإنه يقترح وضعيات وأساليب لتغذية الرضيع. وقد يُخضعه لدراسات في التغذية عند الحاجة.
2. يساعد في تبسيط المهارات الحركية وبالأخص الدقيقة منها. ويعمل المعالجون الوظيفيون والمعالجون الطبيعيون أو الفيزيائيون جنبًا إلى جنب لمساعدة الأطفال الصغار في تطوير المهارات الحركية الكبرى مثل (الجلوس، الزحف، الوقوف، المشي). ففي هذه المرحلة يسعى المعالجون الوظيفيون إلى تطوير حركات الذراع واليد والتي ستكون حجر الأساس في تعزيز المهارات الحركية الدقيقة لاحقًا. قد يمثل ضعف توتر العضلة وتراخي الأربطة لدى طفل متلازمة داون تحديًا أمام تطوير المهارات الحركية ولكن العلاج الوظيفي قد بساعد طفلك في تخطيها.
2/ مرحلة المشي وما قبل المدرسة
عندما يكون طفلك صغيرًا أي في مرحلة المشي والتي تسبق مرحلة الدراسة، فمن المتوقع أنه سيمارس استقلاليته الحركية لاكتشاف البيئة من حوله. ودورك في مساعدته يكون بتوفير الفرص المناسبة له. مثلًا، من خلال تشجيعه على الخطوات الأولى في إطعام نفسه وارتداء ملابسه. أيضًا سترغبين في تعليمه كيفية اللعب بحذر بألعابه أو مع الآخرين بالإضافة إلى تعزيز مهارات اللغة والنطق لديه وبالطبع توفير فرصًا أكثر لتحسين مهاراته الحركية الكبرى.
دور المعالج الوظيفي في هذه المرحلة
1. يساعد في تطوير المهارات الحركية الدقيقة. فهي مرحلة مهمة لتطوير هذه المهارات لدى الطفل المصاب بمتلازمة داون. في هذا العمر سيطوّر الطفل حركات يديه والتي ستسمح له بالقيام بعدة مهام عندما يكبر سنًا. ولكن قد يحتاج العديد من الأطفال إلى تدخل العلاج لضمان تطوّر تلك الحركات. ويتحقق ذلك من خلال اللعب أي فتح الأشياء وإغلاقها وحمل الألعاب بمختلف أحجامها وأشكالها وأيضًا تجميع الاشياء وبنائها واللعب بالمقابض والأزرار والطباشير .. الخ وقد يواجه طفلك بعض التحديات أمام تعلّمه للمهارات الحركية الدقيقة بسبب ضعف توتر العضلات لديه وارتخاء أربطته.
2. يساعد في تعزيز الخطوات الأولية لمهارات الاعتماد على النفس. ويمكنه أيضًا مساعدة الوالدين في تحليل المهارات المتوقعة والمناسبة واقتراح أوضاعًا وطرقًا للتكيّف ليصبح الطفل أكثر استقلالية. مثلًا، قد يتمكن الطفل من إطعام نفسه باستخدام ملعقة معينة أو طبق معين.
3/ مرحلة دخول المدرسة
ثم بعد ذلك، عندما يدخل طفلك إلى النظام المدرسي سيتغير معه تركيز طاقاتك مجددًا. وتساعدين طفلك ليتكيف مع الروتين الجديد وتحضرين الاجتماعات المدرسية لتخططي لبرنامج طفلك التعليمي وتركزين على مهارات النطق والتواصل لديه وتساعدينه ليتمكن من إتقان مهارات الحركة الدقيقة المتعلقة بالدراسة مثل (التعلّم والرسم .. الخ) وفي هذه المرحلة قد تتوقعين تطور استقلاليته في نشاطات الاعتماد على النفس وتبحثين عن نشاطات أخرى لامنهجية يخوض فيها تجارب مختلفة اجتماعية وجسدية وتعليمية.
دور المعالج الوظيفي في هذه المرحلة
1. يسهّل للطفل المهارات الحركية الدقيقة في الصف، حيث يعمل العديد من المعالجون المهنيون ضمن الأنظمة المدرسية في وضع برامج تساعد الأطفال المصابين بمتلازمة داون على تعلّم الرسم والكتابة الخطية والطباعة والقص .. الخ. ويهتمون أيضًا بأوضاع ما يحيط بهم للحصول على أدائهم الأمثل مثل (حجم المكتب .. الخ) والمساعدة في برامج التكيّف التي تعتمد على قدرات الطفل الجسدية.
2. يسهّل للطفل مهارات الاعتماد على النفس في المنزل والمدرسة. وكبقية الأطفال، فإن أطفال متلازمة داون يختلفون بشخصياتهم وأمزجتهم ورغبتهم بالاستقلال عن بعضهم البعض. فقد يرغب بعضهم بالاعتماد على أنفسهم أكثر، على سبيل المثال، إطعام أنفسهم وارتداء ملابسهم. حيث يكتسب هؤلاء الأطفال تلك المهارات من خلال مشاهدتهم الآخرين ومن ثم تطبيق ما تعلّموه في سن صغير. أما آخرون فقد يرغبون بأن يقوم أحدهم بإتمام هذه المهام ويقاومون أي محاولة تساعدهم باكتساب هذه المهارات. ففي هذه المرحلة، يقوم المعالج الوظيفي بمساعدة الأهل لمواجهة هذه التحديات بالإضافة إلى مساعدة الطفل في تعزيز مهاراته الحركية وبالتالي اكتساب مهارات الاعتماد على النفس.
3. حاول أن تلبّي جميع احتياجات طفلك الحسيّة. فقد يقلق الوالدين بعض الأحيان من تصرفات أطفالهم والتي تتعلق بنموهم الحسي، على سبيل المثال، قد يضع الطفل ألعابه في فمه بشكل متكرر أو لا يعي ما يفعله أو يمسك الأشياء بقوة أو يرميها باستمرار أو لا يتحمل بعض أنواع الروتين مثل غسل أو مشط شعره. لذا يقترح المعالج الوظيفي طرقًا لمساعدة الطفل والوالدين في التعامل مع تلك المشاكل.
علينا كآباء وأمهات أن نعتني بصحة أطفالنا من جميع النواحي. ولدينا العديد من الأمور التي يجب علينا الاهتمام بها: صحتهم وصحة أسنانهم ومهارات الحركة والتواصل لديهم والتركيز على احتياجاتهم التعليمية والاجتماعية والسلوكية والقائمة تطول. لذا فنحن نحتاج لأشخاص مختصين ومدرّبين يساعدون أطفالنا للوصول لأقصى إمكانياتهم في الحياة. فالمعالج الوظيفي هو أحد أعضاء الفريق الذي يمكننا الاعتماد عليه في تقديم المساعدة المحترفة خلال مراحل نمو أطفالنا.
يمكنك الحصول على خدمات المعالج الوظيفي من خلال برامج التدخل المبكر للطفل أو في المدارس العامة أو الخصوصية أو استشارة معالج خاص.
ترجمة أ. بشاير الشمري