مشاعر من صديقة
إلى صديقتي التي تلقت تشخيصًا جديدًا لحالة طفلها،
سأكون “تلك الصديقة” لك!
المقال على شكل ملف بي دي أف
صديقتي العزيزة،
بينما تخوضين هذه الرحلة الرائعة، أريد أن أخبرك أمرين:
أولًا، أنا مسرورة من أجلك وسعيدة جدا لأنك ستخوضين تجربة الأمومة وأنا أحظى بمشاركتك إياها.
وثانيًا، سأكون “تلك الصديقة” لك، التي تعرف كيف هو الشعور بالظلمة الحالكة، والتي تتفهم المخاوف غير المنطقية، والتي لديها أفكار غير منطوقة، والتي يمكنها أن تحتفل معك بالإنجازات البسيطة لأن”كتاب نمو الطفل” التقليدي قد لا ينطبق عليها.
في الوقت الحالي قد تكونين الأم الخائفة. أنت تحاولين أن تتفهمي التشخيص الجديد لطفلك وتحاولين أن تتخيلي ما ستجلبه لك هذه الحياة الجديدة غير المتوقعة في المستقبل. أريد أن أخبرك أمورًا عدة في السطور التالية:
قد تمرين بأيام تشعرين فيها بخوف شديد خارج المعقول. ليس خوفًا كالذي يرافق الوالدين الجدد عندما يرزقون بطفلهم الأول، بل هو خوف ووجع عميق يعصر القلب. سأكون صديقتك التي تتفهم هذا الأمر، فقد شعرت بكل ما تشعرين به الآن ولقد بكيت دموعك نفسها!
قد تقضين وقتًا طويلا غير مخطط له في المستشفى. ستقفين في شلال من الدموع التي تتدفق على وجهك لأنك لا تعرفين ما عليك القيام به الآن. سوف تشككين في قدرتك على أن تكوني أمًا جيدة لأنك نسيت معرفة أسماء كل طبيب تحدثت إليه عن حالة طفلك. سأكون صديقتك التي تتفهم هذا الأمر، والتي يمكنك التحدث والكتابة إليها عندما يخلد طفلك للنوم. لأنني أعرف ما لا تعرفه صديقاتك الأخريات من الأمهات. وأعلم معنى مشاعر الضعف. وأعلم معنى وخزات الصدر عندما يتم تأخير خروج طفلك ليوم إضافي من المستشفى. لقد شعرت بالألم الجسدي وطفلي تغرز فيه الإبر عشرات المرات لأخذ تحليل دم من عروق دمه الصغيرة، أو عندما يدفع سريره بين الممرات في أقسام المستشفى لعمل المزيد من الفحوصات. لقد اجتاحتني الوحدة التي تعرفها الأمهات التي عانين مثلنا، والتي لا قد لا يدركها بعض الأمهات اللاتي ينام أطفالهن الأصحاء في أسرّتهم براحة، وبدون أجهزة مراقبة نبضات قلبه وأنابيب الأكسجين!
سوف تصبحين أعظم محامية لطفلك. ولكن هذا قد يأتي بعد أن تشعري بما يشبه المنعطف الكبير من التعلم والخبرة في حياتك! قد تشعرين أحيانًا بالغباء وتسألين نفسك مرات عديدة وتشككي في قراراتك وما الذي ينبغي عليك عمله. ولكن بعدها سوف تبدئين بالتحليق. سوف أكون معك كصديقة تتابع معك طريق التعلم والتجربة هذه، وثقي بي عندما أقول لك، سوف يسهل دربك رب العزة ويمنحك القوة والصبر والثبات. لقد جلست ساعات طويلة محدقة بشاشة الجوال والكمبيوتر أبحث في الإنترنت حتى نسيت وجود أصدقائي وأهلي وجهات الاتصال الخاصة وتعبت وجفت عيني من التحديق بالشاشة! لقد اتصلت بمستشفيات عديدة في جميع أنحاء البلاد لأحصل على رأي واستشارة ثانية وثالثة، على الرغم من أن المستشفى الذي أتابع طفلي فيه يصنف في المرتبة الأولى على هذه المستشفيات الثلاث. لقد وقفت في وجه الأطباء الأخصائيين والممرضات والذين كانوا يحاولون التأكيد لي أنهم يعلمون ما هو لصالح طفلي أفضل مني. وقد كنت في النهاية على حق ولقد تعلمت الكثير خلال رحلتي مع ابني. وسوف تتعلمين أيضًا. وخلال تلك الرحلة ستحتاجين إلى الدعم من شخص تعلم قبلك، وسوف أكون تلك الصديقة بإذن الله.
سيقول الناس: “كل طفل لديه احتياجات خاصة”، وقد ترغبين في اقناع نفسك بهذه المقولة وتحاولين أن تقارني الاحتياجات الخاصة التي يتحدثون عنها لطفل لديه مشاكل صحية وآخر سليم، ولكن دموعك تسبق ما تودين البوح به عند مقارنة طفلك بأطفالهم. قد ترغبين أحيانا في توجيه اللكمات لهم، ولكنك تعرفين أنه مقصدهم طيّب وأنهم فقط يحاولون مساعدتك في الوضع الجديد الخاص بك. ستخفين المئات من الأفكار والكلمات القاسية التي مرت عليك ، ولكنك ستتغافلين عنها وتتجاهلينها في المستقبل. وسوف أكون معك، سأكون تلك الصديقة. ويمكنك التحدث معي طوال اليوم دون ملل أو تذمر.
أرجوك اسمعيني أيتها الأم القلقة، سيخطر ببالك أفكار لا يمكنك مشاركتها مع معظم أصدقائك ، مصطلحات ومعلومات طبية بإمكانها أن تملأ عدة ملفات. أفكار ومعلومات وتجارب عملية ناجحة قد لا تجدين من تشاركيها معه. فمثلا عندما يطلب الأطباء اجتماعًا معكم لإخباركم عن مستجدات حالة طفلكم الصحية فربما يحملون معهم أخبارًا غير جيدة! وسيكون لديك مصطلحات علمية لم تتوقعي أن تستخدم للأطفال ناهيك للكبار مثل عبارة “متوسط العمر المتوقع” و”معدل الوفاة” و”دواء تجريبي” أو “أبحاث علاجية”. كلها كلمات سوف ترن برأسك وتكون هي جل ما تتحدثين به بشكل يومي وتودين أن تتخلصي منها. ولكنك تعلمين أنك لا تستطيعين ذلك. سأكون تلك الصديقة. لقد سمعت تلك الكلمات والمصطلحات من قبل، واحتفظت بتلك الملفات! لقد بحثت عن أناس قد يحتاجون لما لدي من معلومات غزيرة عن تشخيص معين ومضاعفاته! ليس عليك البدء من الصفر معي، ولن تضطرين إلى التساؤل عما إذا كان يمكنني فهمك وتخيل وضعك. فأنا أستطيع وسوف أفعل ذلك بإذن الله. سأمسك بيدك، وسوف أستمع اليك وإلى مخاوفك وكل ما تريدين التحدث عنه. بإمكانك تفريغ أحمالك عندي وسوف أساعدك.
هذا الطفل التي تحملينه الآن سوف يغيرك وسوف يغير الدائرة الخاصة من حولك. سوف يبقى معك أصدقاؤك الحقيقيين وكل من يدعمك، وستبقى لديك أيضًا احتفالاتك ومخاوفك الموجودة لدى جميع الآباء والأمهات. قد تشعرين أنك معزولة، وقد تبكين، وقد تخجلين من بعض الأفكار التي تخطر ببالك بعض المرات. لكنك سوف تحتاجين لشخص يفهمك دون أن يحكم عليك حكمًا مسبقًا. اسمحي لي أن أكون تلك الصديقة. اسمحي لي أن أقرأ رسائلك الطويلة التي كتبتيها ، وأن أمسك بيديك الخائفتين. باستطاعتي فعل ذلك. وسوف أكون قوية من أجلك. وسوف نحتفل معا بانتصاراتك مهما صغرت لأنني أعلم أنك قاتلت من أجل تحقيقها ، وسوف نرى معًا الجمال في هذا كله، وسوف أشاركك الفرح بمعجزاتك الخاصة بك.
لن انتقصك أو أحكم عليك أو أذكرك بمقولاتك السابقة التي اختلف معك فيها بل سأفهمك من أعماق روحي، وسأكون بجانبك في هذه الرحلة.
سأكون هناك.
سأكون تلك الصديقة.
ترجمة وتعديل محتوى: م. بلسم زبيدي
مراجعة لغوية: د. عبد الرحمن السويد
المصدر:
https://themighty.com/2017/07/friend-new-special-needs-diagnosis-support